نفرح حينما نعثر على شاعرٍ جماهيري لديه اهتمامات في الثقافة والدين والمجتمع والإنسان. لا يكرس نفسه فقط للشعر الشعبي بل يدخل على الشعر الفصيح منافساً قاماته، لهذا أحترم الشاعر السعودي: عبدالرحمن الشمري، الذي لم يكن منعزلاً عن قضايا المجتمع في شعره وفي آرائه، بل ظل يثير الجدل بقصائده، أذكركم هنا بقصيدته “مطوّع بعشر قروش”، والناس لا يذكرون له إلا قصيدة “شامية اتصلت غلطانة” مع أن شعره مليء بالقصائد الرائعة والتي تستحق أن تكون موضع إلقاء في الأمسيات والندوات.
وحينما شاهدت محاضرةً له في جامعة الملك سعود أعجبني اطلاعه، واهتمامه بالقراءة واطلاعه على الكتب، ثقافته الدينية حاضرة في أشعاره، فهو “إمام مسجد سابق” ولديه خبرة في أوساط المجتمع المختلفة بما فيه الوسط الديني. يقول إنه لا ينتقد الدين ولا التدين وإنما ينصب هجاءه على الإسلاميين، وينكر أن يكون للإسلاميين مشروع يستحق الذكر عبر مئة سنة من جهودهم، لأن العبرة بالنتائج، بل يتهم الشمري الإسلاميين بالمسؤولية عن “انتشار الربا والزنا والسحاق”، لأن أصحاب المشروع الإسلامي هم الذين “تبنّوا المجتمع” كما يرى هو بطبيعة الحال.
ذاع صيته بمشاركته في شاعر المليون، وشارك في البرنامج لأنه كان يبحث عن فرصة للظهور بعد أن عانى الإعلام من الشللية كما يصف هو حالته قبل البرنامج، وينفي الشاعر الشمري أن يكون استنجد بقبيلته “شمّر” ليحصل على مرتبة متقدمة في تصفيات البرنامج، وقال:”إن تصويت الجمهور لصالحي مع وجود سبعة من زملائي من نفس القبيلة يعود لإعجاب الجمهور بالقضايا التي طرحتها في شعري” ويعترف أنه “غازل” القبيلة ولم يمدحها!
الشمري يتمنى باستمرار لو تتاح له الفرصة لإلقاء الشعر الفصيح كما يلقي الشعر الشعبي يقول: “من يتقبل مني الشعر الشعبي سيتقبّل الشعر الفصيح، وأنا أطعّم الكثير من الأمسيات في حال كانت الأمسية خاصةً بي بشعر فصيح”، ويذهب في أمنياته أبعد من ذلك حينما تمنى أن يكون “ربع” نزار قباني.
يكفي الشاعر عبدالرحمن الشمري أن آراءه مختلفة، وتثير الجدل والنقاش، وفي إلقائه لا يحتد بل ترى نفسك أمام إلقاء موزون وسهل وبعيد عن الصوت العالي كما اعتاد الناس من بعض الشعراء الشعبيين، يعجبني فيه أنه أخذ لنفسه خطاً مختلفاً عن البقية، وما أروع المختلفين!