تعد هذه القصيدة واحدة من أجمل القصائد لأبي تمام الطائي، ويصوّر فيها لحظة الفراق التي يتوجّع فيها العاشق فاقد عزاءه وصبره لكنّ الشاعر لا يفوته أن يصوّر في الوقت نفسه الدموع التي تفيض مثخنة من عين العاشق على خلاف أعين العذال الشامتة به لأنه ظلّ راعيا لعهد الحب، وهنا نص القصيدة:
نُسَائِلُهَا أَيَّ المَواطِنِ حَلَّتِ وأيِّ ديارٍ أوطنتها وأيتِ
وماذا عليها لو أشارتْ فودعت إلينا بأطرافِ البنانِ وأومتِ
وما كانَ إلاّ أنْ تولّتْ بها النوى فَوَلَّى عَزَاءُ القَلْبِ لَمَّا تَوَلَّتِ
فأما عيونٌ العاشقينَ فأسخنتْ وأَمّا عيُونُ الشامِتينَ فَقَرَّتِ
ولما دعاني البينُ وليتٌ إذْ دعا ولما دعاها طاوعتهُ ولبتِ
فلمْ أرَ مثلي كانَ أوفى بذمة ولا مثلها لم ترعَ عهدي وذمتي
مَشُوقٌ رَمَتْهُ أَسْهُمُ البَيْن فانْثَنَى صَريعاً لها لمَّا رَمَتْهُ فأَصْمَتِ
لئنْ ظمئتْ أجفانُ عيني إلى البكا لقَدْ شَرِبَتْ عَيْني دَماً فَتَروَّتِ
عليها سلامُ اللهِ أني استقلتِ وأَنَّى اسْتَقَرَّتْ دَارُها واطْمَأَنَّتِ