هذه قصيدة أبو الطيب المتنبي والتي قالها في رثاء جدته، وقد أصبحت أشهر قصائد الرثاء في الشعر الفصيح.
أما مناسبتها فقيل إنه ورد على المتنبي كتاب من جدته لأمه تشكو شوقها إليه وطول غيبته عنها، فتوجه نحو العراق، ولم يمكنه وصول الكوفة على حالته تلك، فانحدر إلى بغداد، وكانت جدته قد يئست منه، فكتب إليها كتاباً يسألها المسير إليه، فقبلت كتابه، وحمّت لوقتها سروراً به، وغلب الفرح على قلبها فقتلها، يقول في بعض أبياتها:
ألا لا أُري الأحــــداثَ حَــمْــدَاً ولا ذَمّـــــا” “فَـمــا بَطـشُـهـا جَـهــلاً ولا كـفُّـهـا حلما
أحِــنّ إلــى الـكـأسِ الـتـي شـرِبَــتْ بـهــا” “وأهـــوى لمَـثـواهـا الـتّــرابَ ومــــا ضَــمّــا
بَـكَـيْــتُ عَـلَـيـهـا خِـيـفَــةً فـــــي حَـيـاتِـهــا” “وذاقَ كِــلانـــا ثُــكْـــلَ صــاحِــبِــهِ قِـــدْمَـــا
عرفت اللّيـالـي قَـبـلَ مـــا صَـنَـعَـتْ بـنــا” “فـلَـمَـا دَهَـتْـنـي لـــم تَـزِدْنــي بـهــا عِـلْـمَـا
أتاهــا كِـتـابــي بَــعــدَ يـــــأسٍ وتَــرْحَـــةٍ” “فَمـاتَـتْ سُـــرُوراً بـــي فَـمُــتُّ بـهــا غَـمّــا
حَـــرامٌ عـلــى قَـلـبــي الــسّــرُورُ فـإنّـنــي” “أعُـــدّ الـــذي مـاتَــتْ بـــهِ بَـعْـدَهــا سُــمّــا
تَـعَـجَّـبُ مِــــنْ لَـفْـظــي وخَــطّــي كـأنّـمــا” “تــرَى بـحُـرُوفِ الـسّـطـرِ أغـرِبــةً عُـصْـمَـا
وتَـلْــثِــمُــهُ حـــتــــى أصـــــــارَ مِــــــــدادُهُ” “مَـحــاجِــرَ عَـيْـنَـيْـهـا وأنْـيـابَـهــا سُـحْــمَــا
رَقَــا دَمْـعُـهـا الـجــاري وجَـفّــتْ جفـونـهـا” “وفـــارَقَ حُــبّــي قَـلـبَـهـا بَـعـدمَــا أدمَــــى
فـــــــوَا أسَــــفــــا ألاّ أُكِــــــــبَّ مُــقَـــبِّـــلاً” “لـرَأسِــكِ والـصّــدْرِ الـلّــذَيْ مُـلِـئـا حـزْمَــا
تَــغَـــرّبَ لا مُسْـتَـعْـظِـمـاً غَـــيـــرَ نَــفْــسِــهِ” “ولا قــــابِـــــلاً إلاّ لــخــالِـــقِـــهِ حُـــكْـــمَــــا
وإنّـــــي لَــمِـــنْ قَـــــوْمٍ كــــــأنّ نُـفُـوسَــنــا” “بـهـا أنَــفٌ أن تـسـكـنَ الـلّـحـمَ والعَـظـمَـا
فلا عَــبَــرَتْ بــــي ســاعَــةٌ لا تُـعِـزّنــي” “ولا صَحِـبَـتْـنـي مُـهـجَــةٌ تـقـبــلُ الـظُّـلْـمَـا
بصوت د. علي بن تميم
مونتاج نجيب زيتوني