لا أظن أن حمل الجنسية السعودية هو غاية، بل إن الجواز والهوية والجنسية وسائل لتنظيم العمل والإدارة، ولضبط الموارد.
في الخليج أصبحت الجنسية هي الغاية العظمى والتي لا محيد عنها. مع أن الانتماء للوطن هوية لا يتطلب إلا حب هذه الأرض وعشقها. الكثير من غير السعوديين عشقوا السعودية كما لو كانوا سعوديين وأكثر، ونحن نذكر أن بعض مستشاري الملك عبدالعزيز كانوا غير سعوديين، وساهموا في تنمية البلد، لكنهم بهويتهم وعملهم ودأبهم وعشقهم للسعودية؛ أعتبرهم من السعوديين الأقحاح حتى وإن لم يحملوا الجنسية.
يمكن لمن لم يحمل الجنسية أن يكون سعوديا في أدائه وإنجازه وحبه للوطن أكثر من حملة الجنسيات والجوازات. من أجل هذه الفكرة أقول إن الجنسية وسيلة وليست غاية. لأنني ألاحظ للأسف أن القرارات التي تتعلق بالسعوديين أو السعوديات والذين لديهم أب غير سعودي أو أم غير سعودية فيها الكثير من الإجحاف، ولأضرب لكم مثلا نشر بالأمس على لسان نائب وزير التعليم العالي الدكتور أحمد السيف الذي قال حينما سئل عن ابتعاث غير السعودي من أم سعودية: “لائحة الابتعاث نصت على أن يكون سعوديا، ولديه الهوية الوطنية. فهذه قوانين خاصة بالابتعاث، كما أن تعليم الطالب غير السعودي من أم سعودية مكفول في المملكة بكافة جوانبه، سواء في الجامعات الحكومية أو الأهلية، ويعامل كسعودي كما ذكرت، إلا في بعض الجوانب التي لم يصدر فيها أي قرار رسمي، وآمل أن يتم طرح هذه القضية في مجلس الشورى، لتتم مناقشتها”!
لا أدري كيف يصنف الدكتور وغيره من كان والده غير سعودي، وأمه سعودية، هل هو نصف سعودي؟ ألا يكفي أن أمه سعودية، إنني أعلم وأقدر أن الأزمة ليست لدى التعليم العالي فقط، بل إن السعوديات المتزوجات من أجانب لديهنّ معاناة كبرى، وأتمنى من الحكومة تأسيس برنامج للنظر في مشكلاتهن، وحل المعضلات التنظيمية، لأن المشكلة تنظيمية بالأساس، والمشكلة ذات شقين: الأول: ربط المميزات التي وفرت للسعوديين بمن هم سعوديون أبا وأما، وهذا خطأ فادح، لأن من أمه سعودية أو والده سعودي لا بد أن يكون هو سعوديا أيضا، فالجواز لا يتعلق بالدم والجينات وإنما بالمواطنة التي ورثها هو عن أمه أو عن أبيه. الشق الثاني: إن الجنسية أصبحت مقننة بشكل حاد ومشدد حتى إن ابن السعودية لا يستطيع أن يكون ضمن المبتعثين!
قال أبو عبدالله غفر الله له: ليكن الابتعاث لكل السعوديين، حتى للذين تراهم بعض الأنظمة والقرارات على أنهم “نصف سعوديين” و”نصف أجانب”.. لنجدد من تلك الرؤية، حتى يكون الوطن متاحا لكل عشاقه ومحبيه، فهؤلاء أبناؤنا، وأبناء الوطن، وإن حرمتهم الأنظمة من حمل الجواز أو الحصول على الجنسية!