مشكلة الحرية ليست في معناها، وإنما في تخيلنا لها. الحرية ليست بعبعاً! هذه الحروف التي أكتبها، أكتبها بحريتي، وأنتَ أيها القارئ الكريم، فتحت الجريدة، ورقية أو إليكترونية، وقرأت زاويتي بحريتك. هذا هو المعنى المباشر للحرية.. أن تقوم بما تشاء، وفق الأنظمة والقوانين.
البعض يرى أن الإسلام يحارب “دعاة الحرية”، وهنا يأتي سوء الفهم للحرية.
الخيال الذي رسمه البعض عن الحرية مشكلة كبيرة. ليست الحرية تفسخاً، ولا عرياً، ولا جريمة. الحرية ليست فيلماً سينمائياً تنتشر في ظله الجريمة والخطف وسواهما من الأوهام والموبقات. هذه أوهام عن الحرية ولا تعبر عن معنى الحرية الرائع والجميل.
كتاب “إسلام بدون متطرفين- قضية مسلم من أجل الحرية”، للكاتب التركي: مصطفى أكيول، الذي ينشر في نيويورك في 18 يوليوالجاري، يؤكد أن هناك تاريخاً طويلاً للحريات في العالم الإسلامي، وفي تقريرٍ نشرته “العربية.نت” عن الكتاب جاء فيه: “إن للإسلام تاريخاً طويلاً في دعم الحريات والتسامح، وإن للرسول سجلاً طويلاً عن التسامح الديني”. وفي حديثه عن الديموقراطية يرى المؤلف أن: “الديمقراطية كانت مرفوضة رفضاً تاماً من قبل كثير من المفكرين الإسلاميين لزمن طويل، إلا أن ذلك يتغير، ويوجد الآن مزيد من الفهم بأن الديمقراطية يمكن أن تتسق مع القيم الاسلامية أيضاً”، ثم استشهد بالنموذج التركي.
هذا الكتاب يفتح نافذةً مهمة للحديث عن الحرية في الإسلام، فهي مدعومة دينياً، ولن نغتر ببعض المتشددين الذين يلغون حرياتٍ أبجدية بالنسبة للفرد، ذكراً أو أنثى. إن الحرية موجودة في الإسلام من خلال مفاهيم كثيرة، مثل “الأصل في الأشياء الإباحة”، مثلاً، أو من خلال ما يسميه الشاطبي بـ:”منطقة العفو”، وهي التي يتحرك بها الإنسان من دون أن يسأل أحلالٌ هذا أم حرام. البعض حرّم على المرأة ـ مثلاً ـ ممارسة الرياضة مع زميلاتها، خوفاًُ من “انتشار الشذوذ”، هذه الفتوى تحارب حرية الأنثى في ممارسة حياتها، في أن تكون حرةً في عيشها ورياضتها ولبسها من دون شطط، إن الحرية مشجّعٌ عليها في الإسلام، وإن إيصال فكرةٍ للعالم بأننا أعداء للحرية، ولرياضة المرأة، يشوّه معنى الإسلام وصورة المسلمين!
قال أبو عبدالله غفر الله له: إن المشكلة في فهم الحرية، لا في الحرية نفسها، إن من يحارب الحرية يحارب حرية خلقها هو في تصوره، ليست هي الحرية الحقيقية بالضرورة، وإلا فإن دولاً إسلامية كثيرة تعمل بمبادئ الحرية من دون أن تخالف مصالح الإنسان أو تعاليم الدين.. نحتاج إلى أن ننزع أوهامنا عن الحرية حتى نفهم معناها، فقط انزعوا الأوهام.