القمة الخليجية المنعقدة في الرياض تأخذ قيمتها من الأحداث المحيطة بنا، العواصف التي تهز العالم العربي من أطرافه لابد أن تكون موضع بحث ودراسة من قبل الحكام الخليجيين. لم تعد إيران فقط هي المشكلة، ولكن أصبحت التحديات كبيرة مع تفشي الحركات المسلحة في ليبيا وغيرها. إيران لديها أطماع قديمة في الخليج، وهي إلى اليوم تحتل الجزر الإماراتية الثلاث، هذا خطر معروف وواضح، المشكلة في الأعداء الغائبين عن المشهد، الذين لا وضوح لهم، هناك خطابات ضد الخليج وضد السعودية من قبل قوى ربما تصل إلى الحكم في مصر، ووصلت إلى الحكم في تونس قبل أيام، كيف سيتعامل الخليج معها؟
عرفت دول الخليج بالهدوء الدبلوماسي، والنأي بالنفس عن الحروب والتصعيد الكلامي، وهذا يعود إلى الحكمة التي امتاز بها الحكام في الخليج، فالحكمة شرط الحكم في الخليج، على عكس الأيديولوجيين البعثيين والشيوعيين والأصوليين الذين يشتمون من دون رادع، ويمكن لدول الخليج البدء بدراسة مفصلة للمرحلة السياسية بعد الثورات، هناك استحقاقات ملحة وماثلة أمام الجميع، ويمكن أن أقترح نقطتين للرؤية بالنسبة للخليج:
أولاً: مكافحة الفساد، وإشعار المواطن بقيمته الفردية الذاتية عبر رفع راتبه، الخيرات في الخليج كثيرة ولابد من رفع رواتب الناس، فالمعيشة ترتفع والغلاء أصبح يحرق جيوب الموظفين، ولم يحصلوا على ترقيات، هذا لمن وجد وظيفة، كما أذكر بضرورة تفعيل برنامج “حافز” والذي يشتكي الناس منه.
ثانياً: الإسراع بتنفيذ المشروعات المتعثرة، فالفلتان في المشاريع، وانهيار بعضها مشكلة كبيرة، وكسب الشعوب ليس سهلاً، الناس “فتّحت” وبدأت تقرأ في الإنترنت ومواقع التواصل وصاروا يقارنون، المشروعات التي تنتهي بسهولة في دولٍ أخرى، تستمر سنواتٍ وعقودا لدينا، مع أن دول الخليج متفاوتة في هذا المجال، وأظن أننا في السعودية نحتاج إلى تحريك المشاريع المتعثرة والتي تحدث عنها أبو متعب حين قال: “هناك مشاريع ما بيّنت”.
قال أبو عبدالله غفر الله له: لنصلح أنفسنا من أجل الناس الذين يريدون الحد المتوسط من العيش، الناس يطلبون أشياء معقولة من وظائف ورفع الرواتب، لم يطلبوا المعجزات. الشعوب الخليجية لديها ولاء لحكامها ودولها، فالإصلاح والقضاء على الفساد وتوفير المال لهم والقروض والسكن يزيدهم ولاءً وحباً… هل هذا صعب؟! لا أظن.