كم من الوقت نقضيه على تفاصيل نعتقد أنها غير بالغة الأهمية؟
هذا سؤال مؤثر ومهم. وقد وجدت إجابة له خلال تصفحي لأحد الكتب.
إذا كان متوسط عمر الإنسان ستين عاماً فإنه يقضي في ربط الأحذية 8 أيام، وفي انتظار إشارات المرور شهراً كاملاً، وعند الحلاق شهراً أيضاً، وفي ركوب المصاعد في المدن الكبرى 3 شهور، وفي تنظيف الأسنان بالفرشاة 3 شهور، وفي انتظار الحافلات في المدن 5 شهور، وفي دورة المياه 6 شهور، وفي قراءة الكتب سنتان، وفي اكتساب الرزق 9 سنوات وفي النوم 20 سنة.
صحيح أن الاحصائية تراعي الحياة في الغرب أو في المدن العملية، فبالتأكيد أن بعضنا لم يربط حذاء أبداً، إما لأنه لا يستخدم الجزمة أو لأنه لا يستخدم ذات الحبل، ومنا من لم يركب المصعد إلا مرات تعد على الأصابع، لأن عمله وسكنه ليس فيه مصعد، وهناك من لم يقرأ كتاباً كاملاً، كما أن فيهم من تظن أن بينه وبين فرشاة الأسنان موقفاً عدائياً عندما تعلم أنه جربها مرة ثم قرر أن يطلقها ثلاثاً.
وإذا كانت الحافلة تشكل وسيلة نقل رئيسية في المدن الكبرى، فإن منا من لم يركب حافلة قط. وأذكر أن زملاء ذهبوا للدراسة في الخارج وعندما أخبرتهم مسؤولة الطلاب الأجانب أن أفضل وسيلة للتنقل من منزله إلى مكان الدراسة هو الباص، التفت إلى زميله وقال بابتسامة ساخرة وبلغة مستغربة: باص. والله لو أنا رفيق.
ورفيق هنا ليست بحال من الأحوال الكلمة التي يتنادى بها الرفاق الشيوعيين، بل هي كلمة نصطلح على وصف المنتمين لجنسيات وسط آسيا، وأعني الهند وباكستان وبنغلادش. وأصل اشتقاق الكلمة واضح، وهي تعادل أخ في الغالب.
وأذكر أن زميلاً كان يتندر من كثرة استخدام كلمة أخ في التعريف بفلان وعلان دون اعتبار أحياناً لقيمة الأخوة، فيقول فلان أخ وعلان أخ منه. أي أنه مصدر للألم وهذا مناف في الغالب لمقتضيات الأخوة.