في يوم العلَم الإماراتي غرد العديد من أبناء وطني السعودية ممن يعملون بالإمارات بأنهم يشعرون بأن الإمارات هي وطنهم الثاني فعلاً، إذ يشعرون بالطمأنينة، والأمان، والسعادة، والرخاء. تأملتُ كيف أن هذه البلاد الطيبة، النظيفة الناصعة، استطاعت أن تأخذ الأجساد إلى أرضها عملاً وحرثاً وسعياً في الأرض، وكيف لهذه الدولة الرؤوم أن تجمع كل أطياف التعدد العالمي؟! إنها معجزة حقيقية بالفعل. وحين يطلّ اليوم الوطني الإماراتي الكبير يسارع كل مقيمٍ بالإمارات والتي تحتضن أكثر من مائتي جنسية من شتى أنحاء العالم يساهمون في الأعمال والإبداع على شتى الصعد، ومن بين هؤلاء الكثير من العرب الذين يعشقون هذه البلاد، بل لا تكاد تذهب إلى بلد عربي وتتحدث مع أحدهم عن الإمارات، إلا وأفصح لك عن رغبته الكبرى في أن يجد فرصة بها. هذا هو يوم الإمارات الوطني، الذي جعل منها ليست دولة محلية إقليمية، بل الإمارات العالمية، وهي عبر قادتها الكبار والآباء المؤسسين رسمت لها كياناً مهيباً على المستويات الدولية، سياسياً واقتصادياً وفنياً. حين كان المؤسس الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يحرث مع حكام الإمارات المتحدين معه هذه الأرض، كان يحلم وهو ينظر إلى السماء والشمس، وإلى الأرض الخصبة، وهو ينظر إلى الطيور والرمال، كان يحلم في تلك اللحظة أن يؤسس «الإمارات الحُلُم» وقد فعل. حلُم الراحل الكبير برسم معادلة أخرى لم ترسم من قبل، أن يجمع بين الحاضر وما يفيد من الماضي، لهذا كان من الشجعان الأوائل الذين استطاعوا تجاوز تقليدية الخطاب السياسي العربي السائد في الستينيات، لقد صنع خطابه الخاص، ورؤيته الثاقبة، ونموذجه المتميز. لقد كانت قوة زايد في تميز نموذجه الذاتي والفكري والاستراتيجي والسياسي. بنى الإمارات من دون أن يقلّد، وأسس لمجتمعه بناءً شامخاً متجاوزاً كل النماذج الخشبية المطروحة في حقبٍ مضت، لقد رسم المعجزة بيده مع حلفائه وأصدقائه وحكماء بلاده. مع كل موجة تأتي تثبت الإمارات أنها لا تسير حيث مالت الرياح، بل تعرف كيف تحني الرياح لتوجهها، هكذا كان الربيع الفوضوي الذي مر بالمنطقة ثم برؤية محكمة متقنة من الشيخ خليفة بن زايد تمكّن بوضع حد لتلك الموجات الهادرة لتبقى ضمن حدودها، وبانت الرؤية الصائبة لهذا المنهج مع الكوارث التي تحل وراء السدود والحدود في دول نتمنى أن تتجاوز محنها. هذا اليوم الوطني، هو عرس عربي وخليجي وعالمي، هي دولة رسمت مخططها، لكنها لم ترسم نهاية أحلامها، ذلك أن الأحلام لا تنتهي ولا تموت، وكما يقول شكسبير: «إننا مصنوعون مثل أحلامنا من الخشب نفسه». لهذا بقي حلم زايد وظله وروحه عنوان كل عظمة في هذه الأرض الطيبة الآسرة، التي أثبتت أنها وطن ثانٍ، لكل عربي ناجح منضبط ومعتدل.
جميع الحقوق محفوظة 2019