يؤذيني كثيراً أن أرى عنواناً صحفياً يتكون من عشر كلمات أو تزيد.
بعض السادة الزملاء المحترمين، ينسون أن العنوان الصحفي هو للدلالة على خبر، ويظنونه هو الخبر عينه، فيجعلون القارئ لو قرأ العنوان، لاكتفى به عن الخبر!
وغيرهم يضرب بالأعراف المهنية عرض الحائط، لا استناداً إلى رؤية جديدة، بل تأكيداً على غياب الرؤية، فيقحم في العنوان حرفي جر، أو يملأه بأسماء الوصل، وكأن الهدف من صناعة عنوان كهذا، الإساءة إلى المهنة، بينما الموضوع لا يعدو كونه استغراقاً في الاستهلال، وإمعاناً في درء بعض من الاجتهاد لصناعة الأفضل.
قبل بضع سنوات، قام موقع على الشبكة العنكبوتية للمعلومات، تلك المسماة بالإنترنت، ضمن إطار الشبكات الاجتماعية، يسمى تويتر، وهو يعني بالعربية (التغريد)، يمكن لمن يدخله، أن يغرد كما العصافير، على ألا تزيد التغريدة عن 140 حرفاً.
كل من دخل هذه الشبكة، كانت إشكاليته الأولى التي يبثها لمن حوله: كيف يمكن أن أقول ما أريد في 140 حرفاً؟!
لكن الفكرة تكمن في العقدة المبدئية. فمن الذي يعشق الإطالة في الإنترنت؟!
باتت الحياة السريعة، شعاراً للعصر الحديث، وتقلّص عُشّاق المطولات يوماً بعد آخر، واكتشف القوم أن الاختصار، فنٌ بالغ التأثير، وقلة الحروف، ليست دلالة جفاف، بل هي دلالة انتقاء ألفاظ، والقليل المنتقى خيرٌ من الكثير غير المُصفّى.
تعلمك (تويتر) أن تعيد صياغة فكرتك في رأسك مرة واثنتين وربما ثلاثاً، حتى تصدرها قصيرة دالّة.
وأذكر أن تجارب صحفية مميزة، كانت تلزم الصحفيين، بألا تزيد عناوين المواد الصحفية عن ثماني كلمات، مهما كان المبرر، التزم الزملاء بعد فترة تبرّم. وجدوا أنهم ساسوا أنفسهم لإتقان فنٍ كانوا يظنون إجادته شيئاً مستحيلاً.
وددت أن يلج كثير من السادة الكُتاب عالم التغريد، فقط ليعرفوا أن الزيادة قد تكون ترهلاً أكثر مما هي قيمة. فكل ما يمكن أن تقيمه من الجملة دون أن يتأثر المعنى زيادة لا أثر لها. وأتوقف هنا حتى لا أقع فيما أحذر منه.