مع كل بطولة قارية أو عالمية أو خليجية نسأل عن سر الهزائم المتلاحقة، والضربات المتتالية التي تصيب المنتخب. غيرة المجتمع على المنتخب نابعة من وطنية صادقة، لأن المنتخب يمثلهم هم، ولا يمثل الرئاسة العامة لرعاية الشباب فقط، هو منتخب لسائق التاكسي والنجار والطبيب وأستاذ الجامعة والطفل، كما الوزير والأمير، الكل ينتظر من الفريق إبداعات ونجاحات. وكرة القدم ليست ترفاً بل هي مجال للفخر والاستعراض الحضاري والثقافي، وهي ليست لعبة صغيرة لتزجية الوقت. ولا يزعجني مثل أن يقول لاعب بعد أن تتم هزيمته في مباراة: “رأس مالها كرة قدم”، ما يؤكد لي أنه ليس لاعبا بقدر ما هو ملعوب بأفكاره!
نعرف أنها كرة قدم، لكن هذه الرياضة تصرف عليها ملايين من الميزانية، واللاعب مطالب هو وفريقه الإداري ومن فوقه بأن يحرص على اتخاذ القرارات الصائبة. الرياضة مجال فيه محسوبيات كبيرة، والمسؤولون عنه مثل المسؤولين عن بقية المؤسسات بشر وليسوا ملائكة، يخطئون ويصيبون، وبما أننا ننتقد الدفاع المدني والمرور ومصلحة المياه والصرف الصحي يجوز لنا أن ننتقد الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ولا أعرف قانوناً أو نظاماً في اللوائح والأنظمة يمنعنا من انتقادها مع كل كبوة، لأنه انتقاد في صالح الوطن.
يطيب لي أن أسمي المدرب الوطني العريق: ناصر الجوهر، بأنه “مدرب برتبة مسعف”. الاتحاد السعودي لكرة القدم لا يجد وسيلة لامتصاص زعل الناس على الخسائر إلا بتطيير المدرب والإتيان بناصر الجوهر، يتكرر هذا عشر مرات خلال عشر سنوات! ولعلي أقترح على الهلال الأحمر السعودي أن يستفيد من خبرات الجوهر الإسعافية، التي يخيل لي من خلالها أن رقم موبايله تم تخزينه في سنترال الرئاسة برقم 997!
لا أدري لماذا لا تتغير مناصب أخرى، سواء كان مدير الكرة في المنتخب أو الاستشاريين أو أي طاقمٍ آخر. أثبتت الأيام أن المنتخب لا تكمن مشكلته في التدريب، وإنما في منظومة رياضية كاملة تحتاج إلى تصحيح، أن تقوم لجنة عليا وتدرس كبوات الرياضة، وهذا ليس عيباً ولا حراماً، ولا يعيب المسؤول أن تدرس مؤسسته بما يساهم في تنمية الرياضة وتعديل سيرها.
الآن اضطر الاتحاد السعودي لكرة القدم إلى الاستعانة مجدداً ومكرراً بخدمات المدرب المحلي ناصر الجوهر لاستلام دفة المنتخب بعد إقالة البرتغالي جوزيه بيسيرو من الجهاز الفني عقب الخسارة أمام سوريا. وليس من التنجيم أن نقول إن الجوهر سيُقال قريباً، وسيكون شمّاعة خسارة وتقصير. المشكلة ليست في أن تُحمّر العين إيذاناً بطرد المدرب ليجر شنطته إلى بلده، بل أن نتواضع لنفهم مشاكلنا الإدارية. لا يمكننا أن نكون متغطرسين أمام النقد ونحن نخرج من كبوةٍ إلى كبوة. فهلا وعينا الكارثة، وأدركنا بعين ثاقبة تعقيدات الخلل الرياضي المتغلغلة؟!