مع مرور الأيام، تتكشف العلاقة الوطيدة بين إيران وتنظيم القاعدة.
وثائق أسامة بن لادن من جهة، والوثائق الأميركية القضائية من جهة أخرى، تثبت هذا الارتباط الوطيد. أحداث 11 سبتمبر، إيران لم تبرأ منها، بل تورّطت!، بل إن «الوثائق الست» التي نشرتها جريدة «الشرق الأوسط»، أشارت بالدليل القاطع إلى أن إيران قامت بتسهيل انتقال عملاء «القاعدة» إلى معسكرات التدريب في أفغانستان، وهو ما كان ضرورياً لنجاح العملية، وأضافت الوثائق أن عماد مغنية، أحد قادة «حزب الله» اللبناني، زار المنفذين في أكتوبر عام 2000، ونسق سفرهم إلى إيران، بجوازات سفر جديدة، لتأمينهم قبل تنفيذ العمليات. كما أثبتت أن الحكومة الإيرانية أصدرت أوامر إلى مراقبي حدودها، بعدم وضع أختام مُبَيِّنة على جوازات سفر المنفذين، لتسهيل عمليات تنقلهم!
كما عقد لقاء في الخرطوم عام 1993، ضم أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» السابق، وأيمن الظواهري، الزعيم الحالي مع عماد مغنية ومسؤولين إيرانيين، لإقامة تحالف للتعاون المشترك ودعم الإرهاب.
وقد نقل الصحافي الأميركي «لورانس رايت»، في كتابه (البروج المشيدة)، أن بن لادن أرسل أفضل مجموعة لديه للتدرب مع حزب الله في لبنان، زار عماد مغنية رئيس القوات الأمنية للحزب، السودان والتقاه، وكان مغنية في ذروة نجاحاته الهجومية، حيث أسس جهاز التفجيرات الخارجية في الحزب، وفجّر السيارات الانتحارية في السفارة الأميركية عام 1983، والمظلات الفرنسية في بيروت، التي قتلت أكثر من 300 جندي أميركي، و58 من الفرنسيين، ما أدى إلى انسحاب القوات الأميركية من لبنان.
بن لادن كان معجباً بطريقة حزب الله في التفجير والاغتيال، واستهداف المباني، وكان الحزب هو ملهمه في تفجيراته بأفريقيا والسعودية والولايات المتحدة، أما في وثائق «أبوت أباد»، التي عثرت عليها الاستخبارات الأميركية في منزل أسامة بن لادن، فتثبت هذا التواطؤ بين إيران والقاعدة، يرسل أسامة بن لادن للأخ الكريم كارم، يقول فيها: «مسألة تهديدكم لإيران، فلي عليها بعض الملاحظات، أرجو أن يتّسع صدرك وصدر إخوانك لها، إنكم لم تشاورونا في هذا الأمر الخطير، الذي يمسّ مصالح الجميع، وقد كنا نتوقع منكم المشورة في هذه المسائل الكبيرة، فأنت تعلم أن إيران هي الممر الرئيس بالنسبة للأموال والأفراد والمراسلات، وكذلك مسألة الأسرى، لا داعي لفتح جبهة مع إيران».
يحذّر بن لادن من تهديد إيران، ويصفه بالأمر الخطير، ويعبّر عن كونها تمس مصالح الجميع، ثم هي الممر الرئيس، وهذه الوثائق توضح مستوى الدعم والتسهيلات للمرور، حتى في أحداث 11 سبتمبر، لم يكن لها أن تتم من دون هذا التسهيل، كما في بداية المقال.
بعد الوثائق القضائية، والشهادات المثبتة، ووثائق أسامة بن لادن، أصبح الحديث عن العلاقة بين إيران والقاعدة، والتعاون، من الواضحات البيّنات، والغريب أن رغبة باراك أوباما بإتمام الاتفاق النووي، جعلته يسهم بالتكتم على أدوار إيران في أحداث إرهابية كبرى، من بينها 11 سبتمبر، هذا فضلاً عن الدعم المستمر لتنظيم القاعدة، وتسهيل المرور، وترتيب الإيواء، كما يقول بن لادن نفسه، فقد ذكر عدد أبنائه في إيران، والرعاية التي يلقونها، حتى وإن سماها «إقامة جبرية»، غير أنه يحذّر من المسّ بإيران، أو الدخول في خصومة معها، أو افتعال تفجير ضدها.
بنفس الوقت الذي يحثّ به بن لادن على استهداف السعودية، يحذّر من المسّ بإيران، وهذا برهان على العلاقة الوطيدة، والترتيب المضمر، والتواطؤ الواضح.
نعم، إيران تدعم القاعدة، هذه إثباتات القضاء، والتاريخ، ووثائق بخط يد زعيم التنظيم، وليس يصحّ في الأذهان شيء، إذا احتاج النهار إلى دليل!