من المطمْئن أن تدخل هيئة كبار العلماء في حيّز الجدل الدائر اجتماعيا حول بعض المسائل ذات الخلاف!
يأتي تصريح الشيخ: عبد اللطيف آل الشيخ مساعد أمين هيئة كبار العلماء سابقاً ليبيّن أن في الخلاف الفقهي سعةً، وأن التكفير على مسائل الاختلاف فيه جناية على مبدأ الاجتهاد. الشيخ عبد اللطيف أكد أنّ: (الاختلاط كان في عهد أصحاب السماحة والفضيلة من المشائخ في المملكة، وهو لا يتعارض مع ما بينوه في كتبهم وفتاواهم من الصور المحرمة للاختلاط، وإلا لتعارض قولهم مع فعلهم … الشريعة الإسلامية لم تأت بمنعه على الإطلاق، بل أجازته في حدودٍ تكفل الحرية المنضبطة بالضوابط الشرعية للمرأة، والمحافظة على الأعراض، ومنع الوقوع في المحظورات المحرمة … من عاش في مدينة الرياض في سنوات خلت قبل 1390هـ تقريباً يتذكر ما كان فيها من حركة تجارية وأسواق تزخر بالكثير من الباعة رجالاً ونساءً، يعملون في اكتساب الرزق الحلال من خلال البيع والشراء ببساطة). (الجزيرة 16 مايو).
أما الأمين العام الحالي لهيئة كبار العلماء الشيخ فهد الماجد فدقّ ناقوس الخطر في مسألة تمويل الإرهاب. يقول الماجد: (إننا لا نعيش وحدنا في جزيرة معزولة عن العالم، وإن عالم اليوم قد تشكل في صورة لم تعرف لها البشرية مثالا سابقا لا في التاريخ القريب ولا البعيد على الأقل في حدود ما نعلم ونقرأ، وقد حلت فيه الشركات متعددة الجنسيات محل الإمبراطوريات التي لا تغيب عنها الشمس، فهذه الصورة المترابطة المتداخلة جعلت العالم يتأثر بعضه ببعض، وهو أشبه ما يكون ببحر لا تقطعه يابسة، فالموجة التي تبدأ من هذا الشاطئ تنتهي في ذا ك الشاطئ، أو هو كما قيل عن نظرية “الكايوس” إحدى النظريات الفيزيائية الحديثة: “إن رفة جناح فراشة في إحدى مناطق العالم قد تؤدي إلى عاصفة في منطقة أخرى”). (الشرق الأوسط 17 مايو).
قلتُ: هذه رؤى فقهية معاصرة ومميزة تؤكد أن هيئة كبار العلماء تخرج شيئاً فشيئاً مما يعتبره البعض فجوة بين الهيئة وقضايا المجتمع، إن بلادنا التي يشكّل ثلثا سكّانها أعماراً تتراوح بين عنفوان الشباب وريعان الصبا تجبرنا على أن نفكّر بطريقةٍ تتواكب مع هذا الطوفان البشري الشاب، وتلبي احتياجاته برؤية دينية جناحاها الأصالة والمعاصرة.