احتفلت روسيا قبل أيام بمرور 75 عاما على بناء “مترو موسكو” الذي كان ولا يزال أعجوبة هندسية، وتزيّن ممراته الرسوم الفنية، وتعتبر محطات المترو تشكيلات آسرة للراكبين فيه. وعلى الرغم من أن موسكو شهدت تحولات كثيرة وحروب طاحنة وذكريات أليمة غير أن مترو موسكو بقي شامخا حتى اليوم، ويعتبر تحفة فنيّة على مستوى العالم بأسره. على الرغم من تعرضه أخيرا لاعتداء إرهابي في 30 مارس 2010 خلّف على إثره أكثر من ثمانية وثلاثين قتيلا.
المختصون في المترو رأوا أن مترو موسكو تحفة فنية متفردة، فهو ليس فقط بناء معماريا عملاقا، بل تحفة فنية نادرة شارك في تشييدها العشرات من أعظم الفنانين السوفييت الذين حولوا كل محطة إلى متحف مستقل يضم أروع اللوحات والتماثيل والثريات الفاخرة والجدران والأعمدة المرصعة بالأحجار الكريمة النادرة والمرمر والرخام النادر. ومن هنا ينبع تفرد طرازه المعماري، وعالمه الفني. أنشئ مترو الأنفاق في عام 1935 بأمر من الزعيم الروسي ستالين، وبدأ تنفيذه عام 1936. فرادة بناء هذا المترو تتجسد في عمقه الذي يصل إلى ستة طوابق تحت الأرض. بينما لا يزيد إنشاء أكبر مترو في العالم عن طابقين.
العجيب أن المترو يحتاج إلى مساحات مسطحة وإلى المال والإرادة؛ نحن نمتلك المساحة والمال، لكن لم نمتلك الإرادة بعد. في السعودية المترو أصبح ضرورة مهمة، سيغيّر المترو من طريقة التركيبة الاجتماعية، وسيخفف من وطأة الملل والفراغ. بإمكان هذا المترو أن يجذب السيّاح وأن يسهّل التنقل، أن يكون وسيلة للاستعراض الفني في المدينة. أن نضمّن المحطات والواجهات بالنقوش النابعة من صميم الثقافة العربية والإسلامية أو حتى الثقافة السعودية. سيكون المترو ضروريا، وأظنّ أن المليارات التي تخسرها الحكومة على الحوادث التي لا تتوقف من المناسب أن تصرف مثلها على ميزانية كبيرة لتأسيس مترو للمناطق الرئيسية والكبيرة في المملكة. فنحن لا ينقصنا شيء إلا الإرادة.
قلتُ: وإذا كانت روسيا تحتفل بهذا المترو الكبير والعظيم الذي يشهد على تطوّر روسيا مبكّراً في مجالات كثيرة، فهي شديدة التأثر والتأثير بأوروبا، ولم تكن يوما صفرا على الشمال. أعلم أن هناك مشاريع أعلن عنها، لكننا يجب أن نفعّلها ونسرعها، فالوفرة المادية لا تتكرر كثيرا، وأهمية النفط اليوم قد لا تكون في الغد. وإن بقي النفط مصدرا للطاقة، فمن يضمن أن يبقى سعر البرميل سبعينيا؟! آمل أن نستفيد من هذه الأمم الحيّة. إليكم هذا الرابط المعبّر: