هل ما نشهده من ثورات تقنية يشكّل نهاية؟ أم بداية؟
سمعتُ قبل فترة الزميل الأستاذ: إبراهيم العريس في لقاء فضائي، وهو يتحدث أن هناك عصر: “ما بعد الإنترنت”. تقنية “آي باد” الأخيرة سلبت لب الناس وأوقعتهم تحت سحرها وسطوتها وتأثيرها. وما سيأتي أعظم! لهذا لم تعد مجالات المعرفة، ولا صناعة الإعلام بمعزل عن التقنية الثائرة دائما، والتي تتميز بديمومة الإنتاج، ومفاجآت متوالية متسارعة لا تنتهي. التقنية تبدئ وتعيد، تعزل شكلا إعلاميا عن العرش، وتنصّب مكانه ملكا جديدا. كان الناس يعتبرون التلفزيون هو مصدر الإنتاج التلفزيوني الوحيد. الآن أصبحت مواقع رفع المقاطع المصوّرة كثيرة وحلّت في كثير من التنويع والإبهار والتسلية محلّ بعض القنوات الفضائية.
صار “اليوتيوب” سوقا إعلامية حرّة. مليارات المقاطع والبرامج من برامج علمية إلى ترفيهية إلى أفلام، مرورا بالمسلسلات وأرشيف البرامج الحوارية. وهذا هو مصدر التحدي الذي يطرحه “اليوتيوب” على القنوات الفضائية. قل مثل هذا عن أي تقنية أخرى جديدة. وخطر الإنترنت على الإعلام الفضائي مثل خطورة الصحافة الإلكترونية على الصحافة الورقية. غير أن المهم أن لا تحارب كل وسيلة الأخرى، بل أن تطرح مبدأ التكامل بين الوسيلة والوسيلة الأخرى التي تتحداها.
تصالحت القنوات الفضائية مع إمبراطورية “اليوتيوب” صار لكل قناة موقعها.
قال أبو عبدالله غفر الله له: طالعتُ تقريرا أعدته جريدة “إيلاف” الإلكترونية حول الصحافة الورقية، شارك فيه بعض رؤساء التحرير: كلهم لديهم القناعة الكاملة بخطر الزحف الإلكتروني، وإن تفاوتت آراء بعضهم لدى إجاباتهم حول قرب نهاية زمن الورق.
التقنية كلها تزحف بثوراتها الدائمة، تلغي وتنصّب، دون أن تريق قطرة دم، أو أن تستفز أجهزة الاستخبارات، بل من دون أن يشعر الكثيرون بهذه التغييرات.