من مفارقات الحياة، أنني أقابل بعض الذين لديهم كل إمكانيات التفاؤل والفرح، ومع ذلك أراهم في قمة اليأس، بينما ألتقي البسطاء الذين يعانون الأمرّين وأجدهم في ذروة الأمل والتفاؤل والبهجة. الكثير من المنظّرين الاجتماعيين يرون أن الطبقة الوسطى هي موطن السعادة. من أكبر أسباب اليأس التي تنتاب الناس الشعور بالضيق من العمل. القلق من مجال كسب اليد. العمل منذ الإنسان القديم هو محور السعادة لأن الذات لا تتحقق إلا به. واليأس يأتي في الغالب من بوابة العمل.
على موقع BBC طرح السؤال التالي: هل تدفعك ظروف عملك إلى اليأس؟.
جاءت الإجابات ثرية. أجاب عن السؤال –حتى كتابة هذا المقال-173 مشاركاً. سأختار بعض إجابات المشاركين يقول أحدهم: “في دراسة أوروبية اطلعت عليها مؤخراً جاء فيها: أن المدير السيئ هو السبب الرئيسي للإحباط عند موظفيه هذا في أوروبا يضاف لذلك في عالمنا العربي عشرات الأسباب التي تخلف الأحباط”.
بينما يقول آخر: “أنا أعمل في شركة مطاعم عالمية وجو العمل لا يدعو لليأس ولكن الذى يدعو ليس فقط لليأس بل والقهر هو الفساد الإداري والمحسوبية وإحباط أي أفكار”. يضيف ثالث: “أسلوب عملي يدمر حياتي فأنا أعمل في وظيفة تقليدية غبية لا تدعو للإبداع أو التطور مع أنني أشعر أني مبدع أضف إلى ذلك أنني أسافر أكثر من 3 ساعات يوميا لكي أصل إلى العمل وليس لدي وقت للحياة بالإضافة طبعا للمرتب القليل”.
من بين الإجابات اللافتة قول مشارك: “ظروف العمل تدفع إلى ما هو أكثر من اليأس لأن القوانين التي تنظم المصالح الحكومية وضعت في يد رئيس المصلحة كل السلطات، الإدارية، والمالية، والتنظيمية، ولاتوجد رقابة فعالة من داخل المصلحة على تصرفاته، والرقابة التي تمارسها الأجهزة الرقابية من خارج المصلحة شكلية تقتصر على التدقيق في استيفاء المستندات للشكل فقط ولهذا أصبحت الأموال العامة تستخدم لتحقيق مصالح شخصية”.
قال أبو عبد الله غفر الله له: اليأس هو أخطر الأمراض التي يمكن أن تصيب المجتمعات. ولعل المجتمعات العربية أو النامية عموماً تحرض على اليأس من مجال كسب اليد، جراء ما يشاهده الناس من محسوبيات ووساطات، وقلة الأمانة. إضافة إلى ارتباط الصعود في العمل بمدى ما يقدمه الموظف من تنازلات أو اشتراك في الفساد.
لا آمل أن ييأس العاملون في بلداننا، لكن الذي لا يمكنني التغافل عنه أن الإخفاق أو عدم الانسجام مع العمل بوابة لليأس. بدليل المشاركات التي نقلت بعضها هنا. العمل أولاً وأخيراً هو سرّ الراحة النفسية وأساسها.
جميع الحقوق محفوظة 2019