نطقت أخيراً -ولله الحمد- هيئة الغذاء والدواء. كنت أتساءل منذ سنة عن هذه الهيئة! وكتبت مراراً عن موضوعات هي من صميم اهتمامها لكن ربما لا يجدون الوقت لقراءة ما يكتب في الصحف، لانغامسهم الدائم في معمعة العمل!
غير أن الخبر الذي نقلته الصحف بالأمس عن هيئة الغذاء والدواء كان علامة على حياة هذه الهيئة، وتماثلها للظهور مرةً أخرى بعد طول انقطاع. الهيئة سمحت ببيع بعض المستحضرات الصيدلانية في “البقالات”، قررت السماح ببيع الأقراص والكبسولات المحتوية على مادة الباراسيتامول 500 ملليجرام مثل بنادول، فيفادول، وغيرهما.
السماح بني على قرارات لجنة تسجيل شركات الأدوية ومنتجاتها ولجنة تسجيل المستحضرات الصحية والعشبية. وسمح القرار لمحلات بيع المواد الغذائية داخل المدن التي تتوافر فيها ظروف ومتطلبات تخزين المستحضرات الصيدلانية على مدار الساعة مثل محلات بيع المواد الغذائية المتوسطة والكبيرة ومحلات الطرق السريعة التي تعمل على مدار الساعة ببيع تلك المستحضرات.
قلتُ: هذا السماح الجزئي ببيع بعض المسحتضرات يحتاج إلى جهة رقابية تعرف من الذي خالف الأنظمة والضوابط. بعض البقالات تبيع أدوية كثيرة، من دون إذنٍ أو ترخيص، بل ومن دون أن تخاف من أي جهة رقابية. ربما باع المضادات الحيوية، أو الأدوية الحساسة التي تحتاج إلى وصفات طبية. المشكلة أن الجهات الرقابية في غيبوبة كبرى. هناك أيضاً تداخل صلاحيات بين هيئة الغذاء والدواء، وهيئة المواصفات والمقاييس، وبين إدارة صحة البيئة في الأمانات.
نحن نعرف جيداً أن الأنظمة والضوابط التي تتعلق بنظافة المطاعم وتقنين بيع الأدوية في البقالات، أو الرقابة على المستوردات مما يمسّ حياة الناس نعلم أنها قوية وموجودة، لكن المشكلة في التنفيذ، وفي مراقبة مدى استجابة المعنيين لهذه الأنظمة والتزامهم بها. من هنا فإن السماح الجزئي لا يعني أن الباعة سيستجيبون مباشرةً، هناك جشع، ورغبة فضيعة بالكسب لدى نفوس شرهة لا تملّ من جني المال ولو على حساب حياة الآخرين.
قال أبو عبد الله غفر الله له: الجميل في تصريح الهيئة، ومن باب الإنصاف، أنها طلبت من السائح السعودي أخذ الحيطة والحذر عند طلب الأطعمة من مواقع مجهولة، توزع منشورات دعائية خاصة بها في الشوارع أو الشقق المفروشة، وتروج للأكلات المحلية والخليجية لجذب المواطنين. وبخاصةً أن بعض الشقق تتحول إلى مطاعم في عواصم أوروبية كبرى، يستغلّ الباعة نقطة ضعف السعودي مع حبة الأرز والعشق الأبدي بينهما.