لحسن الحظ؛ بدأنا نقتنع بأننا شعب له آذان وعيون، يعطس أحياناً، ويمرض أخرى، ويصاب بالمرض، وأننا مثل بقية المجتمعات، لدينا كل المخالفات.
تحت السطح تصاب بالرعب من شدة ما يدور في البيوت البعيدة، والاستراحات المغمورة، والشقق المشبوهة. كل شيء يمارس تحت السطح. مع الاختفاء وادعاء الصلاح، والتشدق بملائكية المجتمع. ولعل اهتمام الأجهزة الأمنية بمسألة الإرهاب وتوابعها يقودنا للمطالبة بمواجهة مماثلة أمام انتشار محزن للمخدرات، وللأخلاقيات الشاذة، والسرقات.
إنني أستند على ما نقرأه في الصحف حول المخدرات، والجرائم والسرقات. وما خفي عن الصحافة أعظم. ولو أنصتنا إلى الجرائم غير المدوّنة من اغتصاب أو خطف -وهي الجرائم التي يفضّل أولياء الأمور الصمت عنها، والستر على الضحية- لسمعنا العجب العجاب. إنني لا أهوّل ولكنني أضع يدي على الجرح. وأقوم بالتحذير. كتبتُ قبل سنة عن خطورة انتشار “الحبوب” بأنواعها في مدارس الفتيات. ظنّ البعض أنني أكبّر الأمور. بينما كنت أدقّ ناقوس الخطر.
بالأمس نشر هذا الخبر: ” أشرف مجمع الأمل للصحة النفسية على علاج 20 مدمنة من أصل 10.962 مدمناً وصلوا إلى المستشفى وقدمت الرعاية الطبية والتأهيلية لهم، وأشار المجمع إلى أن معظم الحالات كانت جديدة وبعضها كانت متكررة. وكان عنوان الخبر: “3336 فتاة عولجت في الأمل”.
قلتُ: بمعنى أننا أمام نازلة اجتماعية. وهي توفّر واستشراء للمخدرات! كيف وصلت هذه المواد إلى آلاف الفتيات؟! بالتأكيد وصلت عن طريق الأقربين. والمشكلة في نظري لا يمكن أن تحلّ بالمواعظ الحسنة والكتيبات واللوحات، ولا ببرامج القناة الأولى، بل بالتثقيف الاجتماعي، وبحلّ المشكلات الرئيسية، وبخاصة “الفقر” الذي ما زلنا نتهاون معه.
من يدخل على اليوتيوب يستمع إلى مداخلة امرأة سعودية وهي تطالب بحلول عاجلة للفقر وإلا فإن الكثيرات سيتّجهن إلى حلول غير أخلاقية لإطعام وعلاج من تحت أيديهنّ وهي مداخلة كانت مدوّية في حينها.
صحيح أن الضمان الاجتماعي ازدهر وتم دعمه بشكل غير مسبوق بقرارات جريئة من الملك نفسه، غير أن المشكلة ليست في الحصول على السمكة الطرية، وإنما بتعلم اصطياد السمك. هناك بنية تعليمية ترسّخ البطالة، تكرس الفقر والحيرة العملية. ورحم الله علي بن أبي طالب حين قال: “لو كان الفقر رجلاً لقتلته”.