هل الإعلام وسيلة للتثقيف؟ أم للنضال؟ أم للتسلية والمتعة؟
أظن أن المتعة هي القيمة الرئيسية للإعلام، هناك برامج الطبخ والأزياء والأفلام السينمائية والمسلسلات. بعض الفنانين يقولون إنهم يوصلون “رسالة” من خلال الأفلام، لكن لا يعلمون أن الرسالة الوحيدة التي يقدمونها هي “المتعة”، حتى الأخبار صارت وسيلة للاستمتاع، ومن عجب الدنيا على الحرّ أن يرى الأخبار المليئة بالدماء تؤنس البعض وتهدهدهم وتذهب بهم إلى عالمٍ من النعاس والنوم. نعم ـ حتى الأخبار ـ صارت وسيلة للمتعة والفرجة. التلفزيون جهاز متعة وتسلية، وليس جهازاً ثقافياً، صحيح أنه ربما بثّ الكثير من الأفكار والآراء والحوارات الجادة، لكن هذه الرسائل عارضة والأساس في الحركة البصرية للفضائيات والإعلام هي “المتعة والتسلية”.
نشرت (الشرق الأوسط) قبل أيام أن: “وكالة الأنباء الألمانية أطلقت خدمة إخبارية جديدة باللغة العربية متخصصة للأطفال تضاف إلى قائمة خدماتها الموجهة إلى الشرق الأوسط والمنطقة العربية. وتتيح الوكالة خدمتها الجديدة لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، خاصة المطبوعات الخاصة بالأطفال أو صفحات الأطفال المتخصصة، وسوف تقدم الخدمة على هيئة نشرة أسبوعية تبثها الوكالة مرة كل أسبوع تتضمن 10 مواضيع على الأقل، مصحوبة بصور وغرافيك وخرائط. وتنطلق الخدمة تحت شعار الأخبار أيضا يمكن أن تكون ممتعة”.
قلتُ: حتى الأطفال سيدخلون مجال المتعة بالأخبار، وربما دخلوا إلى معترك التحليل السياسي، ذلك أن الخبر المطروح في الصحف جاء فيه: “ستستعرض مواضيع النشرة أهم الأحداث السياسية العالمية وتطوراتها بشكل عام، وفي المنطقة العربية بشكل خاص، حيث تقدم مكتوبة بطريقة مبسطة، كما تتميز النشرة بالتنوع في المواد التي تطرحها حيث تتضمن مواد ثقافية ورياضية وعلمية واجتماعية وفنية وبيئية، تقدم جميعها بلغة سلسة تهدف إلى تقريب الطفل بداية من عمر 7 سنوات إلى 14 سنة من المواد الإخبارية التي ربما يعتقد أنها جافة ولا تستهويه”.
قال أبو عبدالله غفر الله له: وإذا كان الكبار قد حولوا كل مكانٍ للتحليل السياسي، من المقهى إلى الاستراحة، وإذا كانت الأخبار قد أصبحت أنيسة المجالس، ولا تكتمل القهوة إلا بحضور خبرٍ هنا أو هناك، فإن الصغار كذلك سيكونون مرضى بالأخبار مثل الكبار، وحينما يأتي الخبر العاجل يفزّون من أماكنهم، لكنهم بعد فترة سيكونون مثل الكبار، لا تحرّك الأخبار العاجلة شعرةً في أجسادهم!