نعم؛ سنعود إلى نقد الهيئة مع كل خطأ يُرتكب، كما ننتقد الدفاع المدني والبلديات ومصلحة المياه والصرف الصحي، فهي مرفق حكومي قابل للنقد. والحادثة الأخيرة في حائل جاءت كالصاعقة، فهي حادثة إجرامية من قبل رجل هيئة ضد مواطن اختارت زوجته أن تلبس نقاباً! بدأ الشجار برفض الرجل أن يأمر زوجته بتغطية عينيها على اعتبار النقاب مباحاً، ولا ضير فيه وأفتى في جوازه بل وفي جواز كشف وجه المرأة علماء كبار من أنحاء العالم؛ وعلى رأسهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، وقال بجواز كشف المرأة لوجهها الإمام مالك والشافعي وأبو حنيفة وهي رواية لدى الإمام أحمد.
يقول الماوردي في الإنصاف (1/452) ما نصه: “الصحيح من المذهب أن الوجه ليس بعورة. وعليه الأصحاب. وحكاه القاضي إجماعاً”.
لكن رجل الهيئة لم يتردد بتسديد طعنات للرجل الذي رفض تغطية عيني زوجته المنقبة!
هذه جريمة بلا مراء، نقف كلنا ضدها، ونطالب بمحاسبة المتضرر وبملاحقة المدافع عن هذه الجريمة، وساءني أيما إساءة تصريح المتحدث الإعلامي في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحائل مطلق النابت الذي قال: “إن رجال الهيئة العاملين في الأسواق سيتدخلون بتوجيه الأوامر لأي امرأة بتغطية عينيها إن كانت مثيرة للفتنة، وإن لرجل الهيئة الحق بأمر المرأة بتغطية عينيها إن كانت مثيرة للفتنة”! وأقول: أحشفاً وسوء كيلة!
هذا المتحدث يدافع عن جريمة، يقول النابت إن رجل الهيئة سيأمر كل امرأة مثيرة للفتنة بتغطية عينيها، ولا أدري ما هو معيار الفتنة، فالبعض من أعضاء الهيئة ربما افتتن بسرعة، من جهةٍ أخرى لماذا لا يغضّ رجل الهيئة بصره؟ كيف سيعرف إن كانت هذه المرأة مثيرة أم لا؟ هل سيعرف ذلك وهو في حالة غضٍ للبصر؟ الأكيد أنه لن يميز إن كانت العينان فاتنتين إلا من خلال “البحلقة” والتلصص على النساء من أجل الإنكار على المرأة التي يشعر هو أنها مثيرة!
قال أبو عبدالله غفر الله له: أعبّر عن تضامني مع أي إنسان يمارس رأيه الفقهي والاجتهادي ضد الطاعنين بالسكاكين، الذين يحاولون أن يفرضوا آراءهم على الجميع، لأن مسألة كشف وجه المرأة فضلاً عن النقاب مباحة لدى كثيرٍ من الأئمة والعلماء، ولا أدري لماذا يطعن مواطن لأن زوجته منقّبة. أرجو أن يجد المعتدى عليه لدى القضاء إنصافاً وأن يتدخل الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منتصراً لإنسان طُعن لأن زوجته منقّبة وذلك لحماية المجتمع كله، فأغلبية النساء الساحقة منقّبات ولو أن كل منقّبة طُعن زوجها لأصبح تعداد رجال السعودية الأحياء لا يتجاوز بضعة آلاف، مقابل عشرة ملايين امرأة، وأعضاء هيئة الأمر بالمعروف في حائل!