كم هو وفيّ محرك البحث “قوقل” الذي يذكرنا بمناسباتٍ نكاد ننساها. ذكّرنا “قوقل” بشخصيةٍ كان لها أكبر الأثر في تنوير العقل العربي وإنارة دربه، وهي شخصية عميد الأدب العربي طه حسين (15 نوفمبر 1889 – 1973) الذي منحنا فرصة نقد ما تعلمناه، وبثّ في الثقافة العربية ثقافة السؤال، بل إن بعض المؤرخين يقسّمون تاريخ الفكر العربي إلى ما قبل طه حسين وما بعده، على اعتبار أنه الأديب الذي رسم منعطفاً في نقد الروايات التاريخية… من هو طه حسين؟
ولد طه حسين في الرابع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1889 بإحدى القرى بالقرب من مغاغة بمحافظة المنيا جنوب مصر. عانى في صغره من الرمد، لكن ذلك العمى منحه دقة في الوصف، وأتفق مع من اعتبره من أجمل من كتب أدباً في اللغة العربية، كتابه “الأيام” كان ملهماً لأساليب الأدباء والمثقفين العرب، حتى ليندر أن تجد كاتباً مميزاً لم يعش حالة هيام مع هذا الكتاب الفريد. هذا غير كتبه الأخرى ومقالاته في نقد الفكر الديني والخطاب الثقافي والإرث الذي تم تقديسه وهمياً من قبل بعض من لا يسأل ولا ينتقد!
اطلاع طه حسين الديني منحه قيمة التراكم في إدراك طبيعة تفكير الناس، ذهب إلى القاهرة ملتحقاً بالأزهر، ثم التحق بالجامعة المصرية فتلقى الدروس في الحضارة الإسلامية، والحضارة المصرية القديمة بالإضافة لدراسته للجغرافيا، والتاريخ، واللغات السامية والأدب، والفلسفة، وخلال هذه الفترة قام بتحضير رسالة الدكتوراه، والتي ناقشها في 15 مايو 1914م، فتخرج من الجامعة حائزاً على درجة الدكتوراه في الأدب العربي وكان موضوع رسالته عن أبي العلاء المعري.
عام 1926 كان حاسماً بالنسبة لطه حسين، وذلك حينما ألف كتابه “في الشعر الجاهلي” واستخدم فيه مبدأ ديكارت وخلص في استنتاجاته وتحليلاته إلى أن الشعر الجاهلي منحول، وأنه كتب بعد الإسلام ونسب للشعراء الجاهليين، فصل بسبب هذه المحنة من الجامعة. وفي طبعات لاحقة قام بالتعديل على اسم الكتاب ومضمونه فأسماه “في الأدب الجاهلي” وحذف منه المقاطع التي أخذت عليه.
قال أبو عبدالله غفر الله له: شخصية طه حسين اختلفنا أو اتفقنا معها، شخصية مثيرة للجدل ومحفزة على التفكير والتجديد، لهذا لا يمكننا أن ننساها بسهولة، له فضل على الصحافة والأدب والفكر والتأليف، ونسب إليه فضل التجديد في “تكنيك” كتابة الرواية. رحم الله طه حسين، وشكر الله سعي قوقل.