يبدو أن العقل السليم ليس في الجسم السليم، وإنما بـ”العقال” السليم!
هذا ما تقوله لنا أخبار الرياضة. مضاربات، وهوشات في كل زاوية من زوايا الملاعب. ويفزع في تلك المضاربات أشكال وألوان من أعضاء الفريق، من رئيس النادي إلى أصغر موظف في النادي. ثم ما إن تنتهي المباراة حتى يتوجهوا للأستوديو، وينتقل التوتر معهم، وتستمع إلى مداخلات فيها الكثير من الكلام الحاد، ما بين منتقدٍ للحكم، وللملعب، وللزرع في الملعب، وللجمهور، ولا يبقي الفريق المهزوم بكل كوادره شاردة ولا واردة إلا وانتقدها وجعلها سبباً في الهزيمة.
نادى الناس بالحكم الأجنبي، جاء الحكم الأجنبي بشعره الأشقر، وسحنته الأوروبية أو الآسيوية وبشرته الحمراء، لكن هذا ليس كافياً صار – حتى – الحكم الأجنبي في أمره شك. الفريق المهزوم غالباً ما يكون في جعبته سبع ركلات جزاء صريحة، ويطالب بمشاهدة المباراة عبر “شريط الفيديو” ويتحدث الناطق باسم هذا النادي أو ذاك عن مؤامرة دولية ضد النادي من أجل أن يخسر مباراة هي أصلاً لا تقدم ولا تؤخر. لا أدري بماذا سيطالبون فيما بعد!
ربما يطالبون بحارس مرمى أجنبي، أو مدير كرة أجنبي، أو رئيس ناد أجنبي، أو الشخص الذي يأتي بالكرة من أطراف الملعب أجنبي. حتى يكون كل شيء بيد الأجانب، حتى الملابس تكون خياطة أجنبية، حينها نكون نحن نتفرج فقط مستعينين بالشتائم وراء الشاشات، وحتى لو “تأجنب” كل شيء في الملعب سيظل هناك من يود النزول إلى ساحة الملعب وتوتير الأجواء ثم تصبح فيما بعد قصة الناس، وحديث المجالس، وللأسف يقولون إن الرياضي “قدوة” كما في لوحة إحدى المدارس في الرياض. نعم الرياضي قدوة بخيريته وسلوكه الحسن، لا بتجاوزاته وفقدانه لأعصابه بين الفينة والأخرى.
أيها السادة، لن أقول “عليكم بالصمت” بل عليكم بالنقد، وعليكم بالحديث عن رياضتكم، هذه الملاعب ليست ملكاً لأحد دون أحد، بل للطفل منها حصته في الترفيه، حتى المرأة يعنيها أن تجد مشاهد رياضية ماتعة، وعلى الشباب الذين يوترون الأجواء في مدرجات الجماهير أو على أرض الملعب أن يعلموا أن الرياضة ليست بالعضل فقط بل بالعقل أيضاً.
ملّ الناس من المضاربات بين أشخاص لهم ثقلهم في الأندية. ولو وضعت في اليوتيوب كلمة “مشادات رياضية” ستجد من المقاطع ما يهول، هذا غير “مداخلات نارية” ستجد حينها لهجات شديدة القسوة ضد أناس قالوا آراء عادية جداً.