يمكن أن نلمس بوضوح أن ضمن ثقافتنا المحلية كوامن تستيقظ عندما نجد أنفسنا في موضع المدافع عن التغيير، الذي هو سنة الحياة والكون.
تأمل مثلاً كيف نوظف “الله لا يغيّر علينا”، في استجابة سلبية للثبات، في مواجهة إيجابية التغيير للأفضل.
تحضرني مقولة لافتة لتشارلز داروين حينما يقول: “إن البقاء ليس للأقوى، ولا للأذكى… بل للأكثر استجابة للتغيير”.
وهو هنا يتحدث عن البقاء اللائق، لا البقاء غير اللائق بطبيعة الحال.
لو لم يكن التغيير سنة من سنن الله في الكون، لما تعاقب الليل والنهار، ولما تسارعت الفصول في تلاحق، ولخُلقنا بأحجام ثابتة وأعمار ثابتة، ولما كان التطور هو السمة الأبرز في الحياة والناس والأشياء من حولنا.
المشكلة أننا نمارس في لا وعينا محاولة بل محاولات لتغيير العالم، في ذات الوقت الذي نقاوم التغيير فيه بوعي أو بلا وعي، وكأن تولستوي يشخّص حالتنا وهو يقول: “الجميع يفكر في تغيير العالم، ولكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه”!
إن حالة رفض التغيير غير الواعية، هي تشبع بحالة القلق من المستقبل، فالمدافعة في وجه التغيير تحمل في طياتها القلق من أن لا يستطيع الفرد أو الجماعة التواكب مع الحالة الجديدة لما بعد التغيير، ويحضر توظيف السلبي من الثقافة الشعبية مجدداً بأمثال مثل: “الحمار اللي تعرفه أفضل من الحصان الذي لا تعرفه”!
ولا يكلف من يردد هذا المثل السلبي نفسه في محاولة التعرف على الحصان، وهي عملية لا تستغرق كبير جهد، لكنها لا يمكن القيام بها من قبل الكُسالى والمحبطين (بفتح الباء وكسرها).
والحقيقة أنه “لا أحد يستطيع العودة للماضي ليبدأ حياة جديدة، لكن الجميع يستطيعون أن يبدؤوا التغيير اليوم ليصنعوا نهاية جديدة”. (ماريا روبنسون).
كثيرة هي الأشياء التي لا تعجبنا أو لا نحبها، غير أننا لا نتعاطى معها على غرار مقولة مايا انجلو: “إذا لم تحب شيئا غيّره. وإن لم تستطع تغييره، غيّر عادتك في التعاطي معه”.
يقول جوته: “الحياة ملك للأحياء والذين لا يستعدون للتغيير، ليسوا أحياء”.
قال أبو عبدالله غفر الله: دمتم أحياء أيها السيدات والسادة، طابت لكم الحياة!.