هل يمكن أن تكون العلمانية والليبرالية مفيدةً للمسلمين؟!
بالتأكيد، لولا النظام العلماني في الهند لتم سحق المسلمين عن بكرة أبيهم، ولولا النظم الديموقراطية في أوروبا وانتشار التقاليد العلمانية التاريخية لتم استئصال الكثير من المسلمين من معارضين أو كتاب أو أصحاب رأي تلاحقهم أنظمتهم الإسلامية لتطبيق حدود ومحاكمات خرجت من قضاء غير مستقل في أنظمةٍ غير ديموقراطية، لهذا فإن العلمانية خدمت المسلمين، وكذلك الليبرالية التي ينعم بها الأوروبيون الذين جعلوا من الصلاة والمساجد والتعبير عن الرأي الديني الإسلامي أمراً ممكناً. انعكست العلمانية والليبرالية في تطبيقاتها الجميلة إيجابياً على المسلمين جميعاً.
على سبيل المثال قاتل الفتاة المحجبة المصرية: “مروة الشربيني” شخص لم يلتزم بأسس الاحترام للآخر التي تؤسسها الليبرالية، وتشدده الخطير وأصوليته الدموية هي التي منحته فرصة الانقضاض على شابةٍ اختارت الحجاب المتاح أصلاً في ألمانيا حسب المساحة التي منحتها الليبرالية للمختلفين في أديانهم ومذاهبهم وكافة انتماءاتهم وآرائهم. لو أن أوروبا بقيت على ما هي عليه حينما كانت في القرون الوسطى على نفوذ الكنيسة وهيمنة محاكم التفتيش وانتشار التسلط والاستبداد لرأينا ثلة من المسلمين في أوروبا في حالةٍ يرثى لها.
الدكتور مرزوق بن تنباك في محاضرته بنادي نجران الأدبي قال بوضوح: “لو لم تصبح العلمانية فكرا يسير الحياة الثقافية والسياسية في أوروبا، فهل كنا نتوقع أن تحتوي دولة واحدة مثل إنجلترا على أكثر من 1300 مسجد؟”. وأضاف “العلمانية حيادية وليست ضد الدين، بل هي ضد استبداد رجال الدين، ومع حرية المعتقد”. وحينما استدرك عليه أحدهم ممثلاً على عدم التزام أوروبا بالعلمانية والليبرالية مستدلاً بحادثة المآذن في سويسرا والحجاب في باريس أجاب الدكتور مرزوق: “إن هذا الطرح تم الرد عليه في مناسبات كثيرة، حيث يرد الفرنسيون والسويسريون الذي صوتوا لمنع المآذن، بأن كثيراً من علماء المسلمين أنفسهم يقرون أن النقاب والمآذن ليستا من أصول الدين الإسلامي، وأنهما من الأمور المستحدثة وفيهما اختلاف كبير، ولذلك هم لم يمنعوا ما يمثل أصول ومظاهر الدين الإسلامي الحقيقية”.
المهم أعزائي أن ما نراه شراً في وجه قد يبدو خيراً في أوجهٍ واستخداماتٍ أخرى، وهذا ينطبق على العلمانية والليبرالية وسواها من المصطلحات التي نسينا أنها ساهمت في حماية “إنسانية” الكثير من المسلمين من الهند إلى أصقاع أوروبا وأميركا.