مجد الأمم بإصلاح تعليمها، وتعاهده بالتجديد والرعاية، قيمة التعليم في أنه اللبنة الأساسية لتكوين المجتمع وترتيب فوضاه. في السعودية احتدم النقاش حول المناهج والتعليم لأن المدارس هي البيئة الحاضنة. من خلالها تتشكل أفكار الناس وتتبلور ثقافة الفرد، والنقاش الذي مر خلال العقد الماضي كان يتناول علاقة التعليم بالأفكار المتشددة، ورصد بعض الباحثين ملامح لذلك التشدد. نعم المناهج تحتاج إلى إصلاح دوري فهي ليست كتباً منزلةً من السماء، ولا داعي للحساسية من تغييرها أو تطويرها، كل المؤلفين يصنعون طبعات منقحة من كتبهم والمناهج من جنس الكتب.
الحديث عن التعليم اليوم وإصلاحه أعاده الدكتور:أحمد العيسى مدير جامعة اليمامة السابق حين طالب بـ:”استغلال الفترة التاريخية التي تمر بها وزارة التربية لإحداث إصلاحات في التعليم، في ظل الدعم الكبير الذي تلقاه عملية الإصلاح من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز”، معتبراً “المجتمع السعودي مهيأ تماماً لإحداث الإصلاحات في التعليم السعودي، والجميع يعرف أن هناك خللاً واضحاً، بل إن الجميع يتشوق لها، خصوصاً أن الإصلاحات في التعليم ستسهم في القضاء على مشكلات عدة يعاني منها المجتمع”.
رؤية العيسى تجيء من تجربته الأساسية في إدارة جامعة من جامعات السعودية، تلك الجامعات التي يرى أنها:”نسخ من بعضها بسبب النظام الواحد في التعليم العالي، في بداية مرحلة تأسيس التعليم العالي كانت هناك سبع جامعات، وكل جامعة لها هوية مُستقلة، ولكن تغيّر الوضع الآن، وأصبحنا لا نفرّق بين الجامعات”.
مجتمعنا السعودي تعرض لهزات كثيرة وكبيرة وكان للفكر دور كبير في تلك الأحداث، وبخاصةٍ قضايا الإرهاب والعنف التي اجتاحت السعودية، وحين يتحدث مدير جامعة مثل الدكتور العيسى عن أن الجامعات “مختطفة” وأن الجامعات صارت نسخاً مكررة من بعضها وأن الإصلاح الذي يمر به التعليم بطيء فإنه يتحدث من خبرة واطلاع وممارسة.
اليوم يعدنا وزير التربية والتعليم بإصلاحات حقيقية تطور مسيرة التعليم، وهي وعود رائعة نتمنى أن نرى ثمرتها قريباً على أرض الواقع. إننا بحاجة إلى محاضن تعليمية تشجع على التفكير والإبداع، لا تقمعه وتعزز العقد وتنبتها. نريد جامعات لا قامعات!
إذا أردت أن تعرف منزلة كل أمة، وأن تتأمل في فكرها وحاضرها ومستقبلها، فاقرأ مناهجها وابحث عن المخرجات التي ينتجها تعليمها. قل لي ما تعليمك أقل لك من أنت!