التدخل الدولي لإنقاذ المدنيين الليبيين من قبضة القذافي القاسية والنارية جاء في وقته!
بقراءة المواقف الدولية نجد أنها جاءت من مجلس الأمن، وهو المجلس الذي مهما كانت ملاحظاتنا على بعض قراراته، وبالذات ما يتعلق بالفيتو الذي يلوّح به كثيراً حين يكون الحديث عن “الفلسطينيين”، غير أن قراره بإنقاذ ليبيا كان تاريخياً. اللافت في خطاب الرئيس الفرنسي أنه وصف التدخل الفرنسي في الحرب على نظام القذافي بأنه “الحرب الأخلاقية”، حرب ضد نظام يبيد شعباً أعزل، من حاكم مهووس بنفسه، ولا يرى في شعبه سوى “الجرذان” ولن يتورع لو أراد أن يبيدهم بالكيماوي كما هو تخوف واشنطن من أن يستخدم كل ما بيده من أسلحة حتى وإن كانت متهالكة.
حكم القذافي المجتمع الليبي أكثر من 42 سنة، ولم يقم بأية نهضة أو تنمية، فقط كومة من المباني الأسمنتية، لم يستطع نظامه أن يعطي الليبيين فرصة الدخول في لغة العصر ومستجدات التنمية، بل حاصرهم بكل ما أوتي من قوة، وأرادهم أن يكونوا كلهم نسخةً منه، يتبعون أفكاره ويدرسون كتابه الأخضر، لم يتعامل معهم بمنطق العقل، بل تعامل معهم بصيغة الوهم والاستهتار، يظنّهم مجرد جرذان قارضة، لكنها اليوم في مجموعها تنقضّ عليه، وتريد أن تتحرر من وطأته، والأمم الكبرى تساعدهم على هذا التخلص، لأن الأوهام التي تسكن القذافي ربما تفتك بالمجتمع الليبي، لهذا كان القرار الدولي والأخلاقي لمساعدة الليبيين في محله.
لستُ مع تقسيم البشر على أساس جهوي ما بين شرقٍ وغرب، لا تقيّم مواقف الدول بجهاتها، بل بالمردود الذي يأتي للناس، صحيح أن فرنسا ليست جمعية خيرية، وأنها لن تدخل الحرب من دون رؤية استراتيجية، لكنها في نفس الوقت مدعومة من الشعب الفرنسي الذي أراد من حكومته أن تتدخل لإنقاذ الليبيين من بطش العقيد، واللافت في كلمة ساركوزي أنه ربط بين تدخل فرنسا وبين “القيم الأوروبية” ويشير إلى ثقافة حقوق الإنسان التي جاءت وتكونت في فرنسا أساساً. وحين تدخلت الدول الغربية لسحق الرئيس الصربي بعد مجازره ضد البوسنة كان تدخلاً إنسانياً وإن جاء متأخراً.
لا شرق ولا غرب، هي مواقف، بعضها يفيد الشعوب ونفرح بها. التدخل الدولي الحاصل في ليبيا ليس غزواً، بل دفاعاً عن المدنيين، وهو قرار جاء بموافقة مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية. حفظ الله الشعب الليبي وحرسه من كل مكروه!