“نحن خدام العدالة ولسنا سادة، ومعنيون بتقديم الخدمة العادلة للمسلم وغير المسلم والسعودي وغير السعودي”!
كانت تلك الجملة الرائعة لرئيس ديوان المظالم الشيخ: إبراهيم الحقيل. يقول إن القضاء أتى لخدمة “الناس” المسلم وغير المسلم، وهو بمقولته تلك ينفي “السيادة” عن القضاة، لأن شخصية القاضي أعطيت الكثير من الزخم المبالغ فيه، ولم يجرؤ أحد من قبل على التصريح بأن القضاة يخدمون وليسوا بسادةٍ على الناس، مع وافر التقدير والاحترام لهم. مع أنني أعتبر الذي يخدم الناس هو من يسودهم، لكنها سيادة سلمية وليست تسلطية، والشيخ الحقيل في تصريحاته لصحيفة “الوطن” أمس أجاب على أسئلة عديدة مضمرة في أذهان الناس!
هو أيضاً تحدث عن مشروع “إنجاز” وهو مشروع يعني: “متابعة القضايا التي يتأخر الفصل بها؛ من خلال مرحلتين: الأولى لجمع وتوثيق القضايا التي تأخر الفصل بها في جميع المحاكم الإدارية. وتتمثل الثانية في التحليل بتشكيل فريق لحصر ودراسة معوقات الفصل في تلك القضايا المتأخرة، وعرض ما انتهى إليه الفريق على جميع قضاة الديوان لإضافة ما يرونه من أسباب سواء كان مصدرها داخل الديوان أو خارجه”.
قلتُ: والتعجيل في البتّ بالقضايا نجح فيه ديوان المظالم كثيراً، وهو أكثر تنظيماً من المحاكم العامة، ولا أدري هل تقتدي المحاكم العامة بمشروع “إنجاز” الذي يبادر بإنهاء القضايا في ظرفٍ زمني سريع؟! وبخاصةٍ أن الناس تشتكي من قلة عدد القضاة مقارنةً بالقضايا المرفوعة، دون أن ننفي شكوى القضاة من قلة أعدادهم مقارنة بالقضايا، حتى تمنيت أن شيئا من رخاء الأوامر الأخيرة أصاب القضاة لجهة اعتماد وظائف جديدة لهم.
المبادرة الأخرى من ديوان المظالم أن لديه مشروعاً لنشر السوابق القضائية، إذ يعمل على: “مشروع لنشر أحكام القضاء الإداري وإخراج الأحكام القضائية لديوان المظالم منذ إنشائه وإتاحته أمام المستفيدين بهدف الوصول إلى منهجية واضحة في التقاضي ودفع الاختلافات التي قد ترد في أحكام الدوائر القضائية بسبب عدم الاطلاع على الأحكام والمبادئ السابقة في القضايا المماثلة”. وبغض النظر عن مدى فائدة السوابق القضائية القديمة التي تمت في ظلّ نظام قضائي غير متطور، بمعنى أن سوابق قضائية في نظام قضائي بالكاد قام بمأسسة عمله، لا يشبه نشر السوابق القضائية في بريطانيا أو محاكم فرنسا، بغض النظر عن كل ما مضى فإن المبادرات كلها تبين عن مستوى إداري متطور!
لكن بكل الأحوال؛ ما يقوم به ديوان المظالم جهد رائع، وهو بعمله هذا وخدمته للناس “يسود” لكنها السيادة العالية لا السيادة الاستعبادية!