كان التعليم محصوراً بالكتاتيب، في الأماكن البسيطة، يتعلم الناس الحروف، يفكّون الكلمات، يأخذون المعلومة من هنا وهناك، حتى تتسنى لهم الكتابة وتنقاد لهم اللغة. المعلمون الأوائل كانوا أكثر صبراً من معظم المعلمين الحاليين، الذين يريدون للطالب أن يكون ماكينةً من مكائن الحفظ والتلاوة، والصدح بأعلى الصوت بـ”النشيد” من دون أن يكون للعقل أو الابتكار أي دورٍ يذكر، والأدهى والأمر أن يكون المعلم ضد الطالب، فيتشوّف سقطته، وينتظر غلطته إمعاناً في التربص والتشفي، وحينما يصيب بالكاد يقول له بخطه الأحمر المهيب: “ممتاز” أو “أحسنت”! لكن طلاب ثانوية سهيل بن عمرو بالسقاء في منطقة عسير ابتكروا –بحسب جريدة “الوطن”- جهاز عرض متنقل: (Data show Portable ) يمكن استخدامه في قاعات الفصول لعرض المادة الدراسية المرئية والسمعية على سبورة قاعة الصف الدراسي، وتقوم فكرة التصميم على دمج لوحة النظام (اللوحة الأم) مزودة بذاكرة ومعالج مع جهاز العرض المرئي (البروجكتر)، وجهاز مولد الطاقة داخل صندوق صغير بارتفاع 37 سم، وعرض 40 سم.
يقول معلم النشاط، وليد الراعي: “إن هذا التصميم أخذ من الطلاب الكثير من الوقت، إلا أنه ابتكار متميز يمكن للمعلم من خلاله عرض المادة الدراسية على نصف السبورة، واستخدام النصف الآخر منها للكتابة وشرح الدرس في نفس الوقت. إن الابتكار جهد جماعي للطلاب عبد الله يحيى المسعودي وعبدالرحمن علي المازني، وعلي عايض الغانمي، وعلي محمد آل بدوي، و فارس محمد فايع”! قال أبو عبدالله غفر الله له: سخرنا كثيراً من التعليم، من المناهج، من المعلمين، من المباني، من السبورات والطباشير، لكن لم يدر بخلدنا يوماً أن “الطلاب” هم وقود التعليم وأساسه، أنهم هم الذين ينهضون بمؤسساتهم، يسقونها بعبقرياتهم، يغذونها بكل ما لديهم من ابتكاراتٍ أو أفكار. لكن –ويا للأسف- فإن بعض المؤسسات تهدم الطاقات، تجرحها من خلال التحطيم أو السخرية، بعض المعلمين-وهذا مما علمتُه مؤخراً- يبتكر “ألقاباً ساخرةً” لطلابه، يعيرهم تارةً بالقصر أو الحمق، أو قلة الفهم. أحد الآباء احتجّ على أستاذ رياضياتٍ في مدرسةٍ أهلية وصف ابنه بأنه “لا يفهم” وبرر الأستاذ وصفه هذا بأنه “طبيعي”! مع أن هذا الوصف البسيط الصغير يمكن أن يدمّر مستقبل إنسانٍ بكامله، لكن كيف للمعلمين أن يستدركوا مثل هذا الخلل الفظيع! إن أعظم المعلمين هم الذين ينتجون أعظم الطلاب، وإن أكسل المعلمين، هم الذين ينتجون أكسل الطلاب، بهذا أختم مقالتي هذه … واللبيب بالإشارة يفهم!