من أجمل الكتب، تلك التي تعطيك دافعاً إيجابياً نحو الحياة، وتجاه كل ما هو حولك. مآسي الإنسان دائماً تأتي من خياراته الخاطئة. ياسر حارب، في كتابه: “بيكاسو وستاربكس” الصادر عن دار مدارك للنشر 2011 خصص لفكرة “الاختيار” أن تكون أمام “قائمة تختار منها خياراً واحداً”، فالإنسان لا يشرب قهوتين في زمن واحد، على الأقل الإنسان الطبيعي، وهكذا هي خيارات الحياة، إنها مثل أن تختار نوع قهوتك، والكتاب جاء إيجابياً بأسلوب رائع وجذاب!
يقول حارب في بداية كتابه: “في ستاربكس عليك أن تتخذ ستة قرارات لتشتري كوب قهوةٍ واحدا، قصيرا، طويلا، خفيفا ثقيلا، بدون كافيين، مع حليب قليل الدسم… وبالتالي يمكن للناس الذين لا يستطيعون اتخاذ أي قرارات في حياتهم، والذين لا يعرفون من هُم أو ماذا يفعلون على الكرة الأرضية، أن يشعروا بالرضا عن أنفسهم، لأنهم استطاعوا أن يشتروا كوب قهوةٍ صغيرا، هكذا يُعرّف الممثل الأميركي “توم هانكس” مقهى ستاربكس في فيلمه الرائع “استلمت بريداً” حيثُ يرى فيه مكاناً يغويك بإدمانه، ولا يلبث أن يفرض عليك نمط حياة مختلفاً تماماً.
“ستاربكس” فكرة من الكاتب ياسر حارب للدلالة على الخيارات التي يريدها الإنسان في حياته. لو استعرضنا مشاكل الحياة والزواج، مشاكل العمل والسفر، مشاكل الدراسة والتخصص، لو استعرضنا تلك المشكلات لوجدنا أنها ناشئة عن “الاختيار”، وحين تكون خيارات الإنسان صائبة، تكون حياته صائبة وماتعة ومنتجة، لهذا فإن “ستاربكس”-يقول المؤلف-:”إسقاطٌ مصغّر للحياة التي نعيشها، فكل شيء سريع حتى تحضير القهوة الذي يفترض أن يتم بتؤدة يتعمّد موظفو المقهى أن يستعجلوه أمامك، ثم عليك أن تحمل قهوتك وتمضي دون أن تتحدث إلى أحدهم، حتى لا تربك تدفق الزبائن وتخرق تقاليد المكان، يمنحك ستاربكس خيارات كثيرة، ولكنها قد لا تكون حقيقية”.
قال أبو عبدالله غفر الله له: الكتاب جاء لنشر الإيجابية في ذوات الناس، أن يفكروا في الجوانب المشرقة التي يعيشونها وتملأ حياتهم، وبخاصةٍ أننا –كما يقول المؤلف- نستسهل وصف الآخرين بالفشل، لكن نستثقل-أكثر ما نستثقل- أن نصف إنسانا ما بأنه ناجح، أو مميز، أو أفضل منا في بعض ما لديه.
إنه كتاب جميل وسهل وخفيف، يمكنه أن يضيف على قهوتك نكهة إيجابية، حتى ولو لم تكن قهوتك من “ستاربكس”!