“مالي غرض إلا خدمتكم” هكذا قال خالد الفيصل، ومن قبلُ قال الأمير نايف “المسؤول هو خادم المواطن”. أم محمد فاطمة الطويرقي استطاعت أن تشرح مخاوفها من نكبةٍ ثانية قد تضرب جدة. كما وصفت لأمير منطقة مكة سبب الفساد، حيث أوهموها بأن الحي عبارة عن حدائق مخضرّة، وأبدت كل خوفها من الغرق الآتي-لا سمح الله- موقف الفيصل يشكر له بصراحة، فهو بعد أن وعدها في لقائها الأول بإجراءات حقيقية تحمي الأحياء المنكوبة، أتى بها لتشارك في افتتاح تنفيذ أول مشروعٍ في جدة، وهذه القيمة في التواصل بين الإنسان وبين المسؤول لا بد أن تكون سلوكاً يعمل به من قبل الجميع، وحين أنصت الجميع لخطبة أم محمد الرائعة والتي عبرت عن ضمير الإنسان في السعودية لم تسمح له بالتصفيق الزايد والانفعال الذي لا يجرّ إلا الكوارث.. تلو الكوارث!
المشكلة لدينا أننا لا نعلّم على الطريقة الصحيحة معنى المسؤولية، إنها ليست أن تلبس البشت وتأخذ المخصصات وتستفيد من سيارة العمل، بل أن تبذل قصارى جهدك لحماية من تحت يدك من المواطنين وشرائح المجتمع التي وكل أمرها لك. لم يصيّع بعض المسؤولين إلا البشوت التي أرهقت أكتافهم، وحين تبحث عن أمرٍ مختلفٍ أنجزوه لا ترى الكثير، المختلف في افتتاح المشروع الذي شاركتْ فيه أم محمد أن المواطن هذه المرة هو الذي افتتح المشروع مع المسؤول، أو الحاكم الإداري. إن الحياة الإدارية من الضروري أن تكون مصحوبة بالخطط المرتبة تجاه أي خلل يحدث في أي جزءٍ من الصرح الذي أوكلت إدارته للمسؤول.
قال أبو عبدالله غفر الله له: المجتمع السعودي وفيّ بطبعه، لنأخذ مثلاً الإداري الفذ المرحوم غازي القصيبي، مع كل حملات التشويه التي تعرض لها، ومع كل الهجمات الشرسة من قبل تياراتٍ كانت على خصومةٍ معه، مع كل المنابر التي وظفت ضده، ومع كل ما نال اسمه وطال منهجه، غير أن السعوديين لم ينصتوا إلى كل ذلك الكلام. بل رأوا إنجازاته أمامهم، حين كان وزيراً للكهرباء وأثناء تسنمه وزارة الصحة.
لهذا سيرى المسؤول-أياً كان هذا المسؤول- من السعوديين كل الوفاء حين يخدمهم، لكن حين يخفق يجب أن يعرف أن ذاكرة المجتمع جيدة مع من أساء لهم ومع من أحسن إليهم. حفظ الله جدة من كل كارثة!