حين يكون القائد ملهماً لشعبه، ومتعاطياً معهم بإنسانيته العالية، فإنه حينئذٍ يصفّ مع المقدرين والمبجلين لدى المجتمع. وتاريخنا السعودي مرّ عليه قادة رسموا علامةً فارقةً في المجتمع.
من بين هؤلاء الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله، لم أجد له صورةً لا تحمل ابتسامةً، مع أنه واجه صعوبات وكان على رأس وزارة الدفاع لعقودٍ طويلة، مرت فيها المنطقة بحروبٍ وتحولاتٍ شديدة التعقيد. ولم ينس الكويتيون فضله حتى اليوم، ذلك أنه كان مع أخويه فهد وعبدالله قادةً من قادة تحرير الكويت وإنهاء الخطر الذي مثله صدام حسين على المنطقة.
المواقف الإنسانية التي تجللت بها شخصية الأمير تشاهدها من عفويةٍ غير مصطنعة، ذلك أنه كان سبّاقاً في مواقفه الإنسانية. يأتيه الأطفال، الصغار والكبار، ثم يواسيهم بكرمه. فهو كريم معطاء بسخاءٍ لا يعرف الحدود، يصدق عليه قول الشاعر العربي القديم:
تراه إذا ما جئته متهللاً
كأنك تعطيه الذي أنت سائله
وحين يزور هذه المنطقة أو تلك، يرغدها بالمشاريع أو التأسيس لمؤسسات، أو التبرع للجمعيات الخيرية والعمل الإنساني.
من الصعب أن يكون القائد حازماً وإدارياً ناجحاً، وفي نفس الوقت يرسم حبّ الناس في قلبه. لأن حبّ الناس لا يشترى بالمال، ولا يمكن للقائد أن يكون محبوباً بالصدفة، فالحب ليس أمراً نظامياً، وإنما هو نتيجة تعاملٍ بين المجتمع وقادته.
عملت صحافياً سياسياً، ولم أذكر أني اتصلت بسموه لأخذ تصريح ولم يرد علي. كانت للأمير سلطان إسهاماتٍ جوهرية في الوزارات التي استلمها. ما لا يعرفه الكثيرون عن أبي خالد أنه كان محباً للشعر والفنّ والجمال، كان ينشد الشعر في بعض الأحايين، وحين يحبّ القائد الشعر بنبضه في الحب أو الجمال فإن ذلك ينعكس على من هم حوله أو من تولى شأنهم. كان سلطان مبتسماً، ومحبوباً، حقق معادلةً جوهرية وهي الحزم الإداري، والحب الاجتماعي.. ولعمري أن قائداً يظفر بهذا النجاح فإنه قد كسب مكسباً لا يشترى بمحيطاتٍ من ذهب.. رحم الله سلطان وأسكنه فسيح جناته.