كانت أحداث أول من أمس وأمس، أشبه ما تكون بدرس لتعلم الوفاء.
كلنا يعرف أن الملك عبدالله أجرى قبل أيام جراحة في العمود الفقري، أتت بعد عمليات أجراها في الأشهر القليلة الماضية في الخارج.
ثم يصر الملك أن يمارس سلوكه الطبيعي، سلوك الوفاء، وصياغة الشيم، فيخرج ليستقبل جثمان أخيه فقيد الوطن، وولي عهده الأمير سلطان، رحمه الله، وهو المثقل بآلام الجراحة، المكلوم بفقد الأخ والعضيد، المعايش لهم الوطن.
يرفض نصائح الأطباء، لا ليقوم بحملة علاقات عامة، ولا ليدلس على حزب، ولا ليقنع طائفة، بل ليمارس أخلاقه، وشهامته، وأصالته. ليعلمنا قيمة، والمحبة شيمة. ليقول لنا: إن علاقته بسلطان تختلط فيها وشائج الوطن والعائلة والصداقة.
أيها السيدات والسادة، نحن لا نحب عبدالله بن عبدالعزيز لأنه يسوطنا، ولا لأنه يحكمنا بالحديد، ولا لأنه يجبرنا على حمل صوره ووضعها في كل مكان، كغيرنا من الشعوب. نحن نحبه لأنه أكبر من البروتوكولات، وأعظم من الإجراءات والمراسم. لأنه يحب شعبه ووطنه، وإخوانه وإخواته وأبناءه وبناته، ويتمنى لهم كل خير.
هذه علاقة مستعصية على فهم الآخرين، مستغلقة على أفهامهم.
المحزونون على رحيل سلطان، غفر الله له أكثر من أن يحصروا، لكنهم زادوا بالأمس وهم يرون عبدالله يجازف بصحته وبالبروتوكول، لأنه ملك في الوفاء.
يا أبا متعب، ليس لنا إلا الدعاء لك: ليغفر الله لولي عهدك، وليعوضنا وإياك خيرا، وليوفقك لأمر شعب بادلك حبا بحب، وينتظر منك الكثير، وأنت أهل للكثير.