من المفارقات أن برنامجاً عن الحوار الديموقراطي على قناة “المستقلة” انتهى إلى الملاكمات والضربات واللكمات الخطافية، مع الاستعانة، لا بصديق، بل ما أمكن استخدامه من ديكور الأستوديو!
غضب أحد الضيوف على نقد صدام حسين، فقام من كرسيه متوثباً نحو الضيف الآخر موجهاً إليه لكمة خطّافية على أقصى الخد الأيسر، ومن ثم تعاركا وانبطحا أرضاً، وحار المخرج في المشهد، أيمسكه على هون أم يدسه في التراب، فلم يقطع البث، ونزل المذيع معهما تحت الطاولة محاولاً بكل ما أوتي من قوة فض الاشتباك. استمرت المضاربات والمصارعة العجيبة لدقائق قبل أن تغلق قناة “المستقلة” الحوار “الديموقراطي”!
لم يكن الحوار ديموقراطياً، بل غدا الأستوديو حلبة مصارعة، استخدمت فيها الأصابع والأظافر وأطراف الأرجل، إذ بدا صوت الركل والعويل والتألم بين الضيفين “الخبيرين”!
قبل يومين في حوارٍ على إحدى القنوات اللبنانية واجه النائب اللبناني المعارض لسورية مصطفى علوش أمين عام حزب البعث الاشتراكي في لبنان فايز شكر، وبعد أن وصف علوش بشار الأسد بـ”الكاذب” رفعت الكراسي! وركض المذيع بالكرافات يحاول منع الضيفين من التصعيد في استخدام أغراض الأستوديو، حيث ركض أمين عام حزب البعث الاشتراكي نحو مصطفى علوش الذي مشى بهدوء ولم ينو المضاربة كما يبدو من مشيته. “الأمين-البعثي- الاشتراكي” فايز شكر لم يكفه الكلام أراد استخدام أدوات الأستوديو للإقناع. رأى علماء التربية أن في استخدام الوسائل المساندة مع الطلاب مثل “السبورة” و”الخارطة” وأدوات الشرح الأثر الكبير على الطلاب في فهم المنهج، غير أنهم لم يذكروا “الكرسي الدوار” والضرب به ضمن وسائل الإقناع، لم يستوعب فايز شكر أن ينتقد لبنانيّ شخصية بشار الأسد! مع أنه هو ومن معه من الحلفاء يشتمون بلداناً نهضت بلبنان مثل دول الخليج، ويرمون قادتها بأوصافٍ لا تليق! وحين مسّ لبنانيّ، ذاق العذاب، نظامَ الأسد بالنقد قامت قائمته وفقد أعصابه.
قال أبو عبدالله غفر الله له: وكم نستخدم الديموقراطية لترسيخ الاستبداد، ونستخدم المدنية لتغطية الظلم والهمجية، ونستخدم الحوار لنغطي نزعاتنا العنفيّة، هكذا أقرأ المشاهد العجيبة والمضاربات المتكررة والمصارعات المضحكة جداً بين أسماء هي من النخب السياسية والثقافية.. مشاهد مضحكة.. ولكنه ضحك كالبكاء.