في كل شيء فن. بالسفر وبالموسيقى، وبكل ما يجري حولنا. كل سعودي هو كائن جوّال، يجوب العالم بسيارته ويستمتع بالسفر بشكلٍ لا تجده لدى المجتمعات الأخرى. وقد لفتتي القوة والصبر لدى الرحالة صالح البليهي، الذي قابلته بعض الوسائل الإعلامية العربية والغربية حيث يسافر على سيارته إلى قارات العالم المختلفة. ذهب مثلاً من الشماسية إلى السويد، وإلى جورجيا وصعد بسيارته جبال القوقاز. وقد افتتح موقعه على الإنترنت، وأكثر ما أعجبني في الرحالة ومرافقيه البساطة، وهذا ما دفعني إلى كتابة هذا المقال.
جزء من النجاح لأي سفر التقرير مبكراً بالوجهة التي سيقصدها الإنسان سواء كان فرداً أو مع عائلته، حين يقرر مكان وجهته وسفره يختصر على نفسه أشياء كثيرة، حينها سيجد حجزاً في الفندق والطائرة، ولا يضطر إلى ملاحقة “الواسطات” من أجل توفير كرسيّ هنا، أو غرفة في فندقٍ هناك. كما أن التقرير المبكر للسفر يعني أن الكلفة المادية ستكون أقل بكثير، مقارنةً بمن يقرر أن يسافر غداً أو بعد غدٍ، حينها سيجد أنه في نارٍ لاهبة من التكاليف. كما أن التقرير المبكر للسفر يشعر الإنسان بالسعادة الذاتية لأنه يشعر بالانتظام وبأن كل إجازته قد تحققت على ما خطط لها، إذ لا شيء يزعج السفر مثل الفوضى والارتباك والاستعجال.
يمكن الاستفادة من العروض السياحية لدى المكاتب ووكالات السياحة، حينها تتعرف على أماكن جديدة لم تزرها من قبل، كما تجد لديهم المعالم التي يمكن أن تزار والفعاليات القائمة، من مسرحيات أو متاحف أو أماكن أثرية أو ترفيهية، هذا التنظيم هو الذي يجعل من السفر منظماً ومرتباً بشكل كبير، التقرير السريع والعاجل والناجز للسفر لا يزيد الإنسان والراحل إلا ارتباكاً، بينما الذي يسافر وهو منظم يختصر على نفسه عثراتٍ كثيرة يمكن أن تواجهه وتعتريه.
قال أبو عبدالله غفر الله له: السفر فن، وإذا كنا نريد أن نكون منظّمين فلننظر إلى حالتنا ونحن في السفر، فرق بين من جاء إلى الدولة التي يريد وقد أخذ تذاكره للأوتيل بيده منذ فترة لا تقل عن شهرين، وقد رسم جدول رحلته وفقاً لبرنامج المدينة التي يقيم فيها، وبيده الخارطة التي يحتاجها، وبين من قرر السفر سريعاً، فرق في الهدوء والراحة والطمأنينة التي نحتاجها في السفر.
الرحالة البليهي يذكرنا بالانتظام والبساطة التي لاغنى لأي مسافرٍ عنهما.