لم يضف مندوب سورية، في الامم المتحدة، الجعفري، جديداً على المشهد، يلقي الكلمات وهو حريص-غاية الحرص- على ألا يخطئ في اللغة، وألا يلحن بها، إلا أنه غاب عنه أن كلامه مليء بالأخطاء الأخلاقية. اللغة ليست مجرد قواعد لفظية، وإنما قواعد أخلاقية. كان الجعفري يبرر القتل والمجازر في سورية ويهاجم الدول التي تقف مع الثورة السورية وكرامة الشعب السوري وحريته. يصف السعودية بأنها تمنع النساء من حضور المباريات، في جلسة لمجلس الأمن تناقش حق الحياة للسوريين وإنقاذهم من جيش الأسد الباطش، مع أن دول الخليج مهما كانت محافظة غير أن المحافظة سيرورة اجتماعية ربما تتغير وتتبدل، بينما النظام السوري يقتل الشعب ويحول الملاعب إلى سجون وأماكن تعذيب، أهذه هي ديموقراطية الجعفري والأسد؟!
ثم يأتي بنزار قباني مستشهداً به على الإجرام الذي يمارسه النظام!
هل يريد أن يقول إن نزار قباني شريك لهم في الذي يفعلونه الآن؟!
لو كان حياً لقال كلمته ولكان مناضلاً مع الشعب السوري ضد الطغيان، فيكفي أن نستعيد قصيدة له كان يرمز فيها للطغيان، وكان النظام السوري يخاف من هذه القصيدة ويحظر تداولها، يقول فيها نزار:
في كل عشرين سنة
يأتي إلينا نرجسي عاشق لذاته
ليدعي بأنه المهدي والمنقذ
والنقي والتقي والقوي
والواحد والخالد
ليرهن البلاد والعباد والتراث
والثروات والأنهار
والأشجار والثمار
والذكور والإناث
والأمواج والبحر
على طاولة القمار
في كل عشرين سنة
يأتي إلينا رجل معقّد
يحمل في جيوبه أصابع الألغام!
هذه هي الروح النزارية التي ادعى الجعفري أن نزار بشعره ضمن النظام الذي يتبعه هو! يظنّ أن نزار بالنسبة لبشار الأسد مثل الشاعر علي الكيلاني بالنسبة للقذافي، والفرق كبير وشاسع. هذا هو التخبط الذي يمارسه النظام والذي كان واضحاً كل الوضوح في كلمة الجعفري لمجلس الأمن. ولئن نجا النظام السوري من قبضة قرار من مجلس الأمن فإنه لن ينجو من ضمير العالم، وسيكون التاريخ ضدهم لا معهم.
قال أبو عبدالله غفر الله له: كلمة الجعفري لن تنقذ النظام السوري، ولقد سمعنا كلنا ورأينا التأثر الكبير على سورية التي تُحارَب وتُغزى لا من إسرائيل وإنما من نظامٍ يدعي العروبة، إنها ظلمة يمر بها الشعب السوري لكن قد يخرج النور من رحم الظلام!