مجتمعنا السعودي شابٌ وفتيّ، لا يزال يخطو نحو الحياة بخطى حثيثة شابة. وعى حقيقةً على العالم مع الإنترنت ووسائل الاتصال. وكان لحدث 11 سبتمبر أكبر الأثر في تحويل الشباب للاهتمام الخبري والسياسي والدولي. الذي كان عمره في 11 سبتمبر عشر سنوات يبحر الآن في الثانية والعشرين من عمره. هذا يعني أنه شهد عهداً من السجالات الفكرية التي ازدهرت بعد ذلك الحدث، وشكلت الكثير من التيارات الفكرية اليوم. لكن هناك فئة لم تتدخل بالنقاش، بل كانت ترقب السجالات، عن بعد أو قرب دون أن تكون طرفاً فيه، وإن كان لديها رأي حيال هذه القضية أو تلك، وهي من يمكن تسميتها بالأكثرية الصامتة. وهي أخطر الشرائح في أي مجتمع. وبدءاً من هذه النقطة لابد أن أقف على دراسةٍ لافتةٍ عن اتجاهات الشباب الفكرية في السعودية.
الدراسة التي نشر ملخصها في “الوطن” قبل أمس جاء فيها: (كشفت دراسة حديثة تم الانتهاء منها قبل 6 أسابيع، وتمت بناءً على طلب من جهة رسمية في المملكة، عن معلومات مهمة حول الانتماءات الفكرية للشباب السعودي، حيث أشارت النتائج التي خصت بها مصادر “الوطن” أن 2.2 في المائة منهم فقط “مؤدلج فكريا”، بينما غالبية من استُطلعت آراؤهم لم تتشكل لديهم مواقف فكرية بعد. الدراسة التي قامت بها وكالة الإعلام العربي، استمر العمل فيها لمدة ناهزت الـ10 أشهر، وخلصت الدراسة إلى أن 97.8% من الـ700 ألف شاب الذين تم استطلاع آرائهم فيها، يصنفون بأنهم “غير مؤدلجين”، وأن 95% من هؤلاء يبدون تذمرا مما يطرح في وسائل التواصل الاجتماعي “الفيسبوك، والتويتر”)!
الشريحة الصامتة هي التي لا تطيق الصراع الدائر في مواقع التواصل الاجتماعي، غير أن السجالات الفكرية لا تعبر عنها فقط تلك الصراعات المشوّشة، بل السجال الفكري ذلك الموجود في الكتب، أو المقالات، أو الحوارات التلفزيونية، فالصراع الفكري ليس ذلك التنابز البسيط بين اثنين قررا التنابز في تويتر أو فيسبوك. أتمنى من الشريحة الصامتة أن تنأى بنفسها عن القوالب الجامدة والتيارات المؤدلجة والمتشددة، لكن لتفكر بكيفية النهضة والتنمية، حينها تكون قد نأت بنفسها عن التيارات الأيديولوجية، ووضعت قدمها على سجالٍ منتج، أو بحثٍ خلاق.
قال أبو عبدالله غفر الله له: ولا ألوم أولئك على التذمر من السجالات الحادة، فهي سجالات أيديولوجية غير منتجة، لكن السجال الذي لابد أن يستمر أن نناقش كيفية النهوض ببلداننا وتنميتها.. وهذا ما أتمنى من الشريحة الصامتة الالتفات للتساؤل حوله.