مشاهد لا يقوى القلم على وصفها. مجزرة الحولة الآثمة كان وقعها على العالم صادماً. وقد أحسنت “الشرق الأوسط” وصفاً حين كتبت أن هذه الجريمة تهز العالم. هزت الشعوب والناس الذين يتألمون لإخوتهم في الإنسانية، لكنها بالتأكيد لم تهز الدول التي تجعل الاقتصاد أهم من الإنسان. روسيا والصين وإيران دول باعت الشعب السوري لصالح النفوذ. وإيران تحاول من خلال إعلامها الخطير أن تبرر للنظام السوري أفعاله ووحشيته. ثم يخرج علينا الناطق باسم النظام السوري ليتبرأ من الجريمة، ليكون مثل القاتل الذي يسير وراء جنازة قتيله. وأفعال النظام السوري لا تدل إلا على أن الإنسان قد صار رخيصاً.
قبل أكثر من عقدٍ ونصف، شهد العالم مذابح ضد البوسنة والهرسك، وضد كوسوفا، كان الصمت مخيفاً لكل إنسان، غير أن التدخل لحماية المدنيين كان هو خاتمة المطاف، لكن بعد أن قتل مئات الآلاف، وإلى اليوم تكتشف المقابر الجماعية هناك. وإذا كان النظام الصربي آنذاك يعمل على إبادةٍ عرقية، فإن النظام السوري يعمل على إبادةٍ طائفية. والعالم لا يزال في صمتٍ مطبق. استئصال كارثي يمارس ضد الشعب السوري وسط أنظار العالم. وهذا يجعلنا نفكر بقيمة الإنسان أمام المادة والاقتصاد والنفوذ. تباع الأرواح مقابل حراسة النظام، والحفاظ على النفوذ والتمسك بالقواعد العسكرية كما تفعل روسيا.
يمكن للسياسة أن تكون أخلاقية، وأن تكون منسجمةً مع المبادئ الإنسانية كما هو الحال لدى دول كثيرة تمارس سياسةً حاذقة مع مبادئ إنسانية، لكن الدول التي أشرتُ إليها والتي تحرس الظلم والقتل لا علاقة لها بالأخلاق الإنسانية. روسيا وإيران والصين، دول تشاهد هذه المجازر ببرود. بينما تدافع عن البشرية الدول الغربية التي كان الناس أو بعضهم يشتمونها. والغريب أن يحلم الناس بزوال أميركا ومجيء الصين، ولم يعلموا أن هذا التنين الصيني نظام مستبد وطغياني، وأن الحريات التي يفسحها قليلة جداً.
قال أبو عبدالله غفر الله له: من المؤلم ألا يستطيع الغرب أن يبذل شيئاً للشعب السوري بسبب الموقف الذي يحمي النظام السوري بمجازره. مشكلة الوضع السوري أنه أكبر من السياسة، وأكبر من الكتابات، ذلك أنه يمس عمقنا الإنساني ويختبر إنسانية العالم التي فتتها الجشع العالمي على النفوذ والاقتصاد والفتات.