شكلت زيارة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى الدوحة، ترجمة كبرى للتوافق، ولإرادة زحزحة الخلافات الخليجية، وذلك بغية تمتين البيت الواحد، وهذا السعي الحثيث من ولي عهد أبوظبي، إنما هو تفعيل جدي لاتفاق الرياض الذي أعيد بموجبه السفراء إلى الدوحة. لطالما كانت سياسة الإمارات نزّاعةً نحو السلام والوئام، والقارئ لتاريخ هذه الدولة منذ أيام المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يعلم جيداً أنها دولة صلح لا دولة خلاف، وبالتالي، فإن تلك المرحلة التي نأمل أن تكون انطوت هي عابرة، وجاءت بعد نفاد الصبر الإماراتي، وقديماً، قيل: «اتق غضب الحليم»، إنها رؤية خلاقة أن يتمحور العمل الخليجي نحو الوحدة والتآلف، بدلاً من الصراعات. من دون شك، فإن «الربيع العربي» وأحداثه، والذي كان ربيعاً أصولياً بامتياز في تصعيد اللغات واللهجات والمواقف، وهو طوفان جارف، لم يصل الخليج من ذلك الاضطراب الفج إلا بعض الرذاذ، وكان الخلاف الخليجي أحد آثار تلك الانتفاضات الهوجاء التي لم تزد الإنسان العربي قدر أنملة، لا على مستوى التنمية، ولا السياسة والاقتصاد. لقد كان الخطأ الكبير في الانخراط من قبل البعض في تأييد تلك الانتفاضات الدموية الأصولية، والإمارات مع دول شقيقة أخرى كانت مع الحكمة والهدوء والتريث والتنمية بوصف تلك الأنماط هي البدائل المناسبة لكل ذلك الهياج. وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش وصف الزيارة بدقة، حين قال، إن «التواصل والتشاور هو الطبيعي في العلاقات الخليجية، وزيارة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لأخيه الشيخ تميم بن حمد أمير قطر الشقيقة، تأتي في هذا السياق. الزيارة ناجحة بكل المقاييس وتبنى على نجاح قمة الرياض وعلى الأجواء الإيجابية لها، وأجواء اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون، كما تطوي الزيارة وإلى الأبد، بإذن الله تعالى، صفحة من العلاقات تجاوزناها، وبينت لنا سلبيات الخلاف في البيت الواحد، وبين أبناء الأسرة الواحدة. منذ قمة الرياض، ونحن أكثر تفاؤلاً في إطارنا الخليجي الجامع، وفي قدرتنا الجماعية على التصدي للتحديات، والتخطيط لمتطلبات التنمية والازدهار». ما يطلبه الإنسان الخليجي هو فتح صفحة جديدة بين الدول الخليجية، وقبل ذلك طي كل قصة الربيع الأصولي الكارثي، والبدء بتحصين البيت الخليجي من أيادي الغدر والفجور والطغيان الأصولية. دول الخليج كلها بما فيها قطر مستهدفة من قبل الإسلام السياسي الأصولي الدموي، وعليه فإن الأخطار التي تتحسب لها الإمارات ليست مقصورةً عليها فقط، بل تهدد كل الخليج من السعودية إلى البحرين وحتى قطر والكويت. هذا التيار الأصولي كان من المبادرين في كشفه وضربه، الشيخ خليفة بن زايد، وولي عهده الأمين محمد بن زايد الذي استبشر الخليج كله بزيارته التاريخية الأخوية للدوحة. نعم لخليجٍ موحد قادر على لجم الأصولية قبل وصول أصابعها الشرسة إلى المؤسسات، والبيوت، والمجتمعات.
جميع الحقوق محفوظة 2019