في تقدير العبد الفقير إلى الله أننا كثيراً ما نحاول أن نعالج مشاكلنا بالتعاطي مع النتائج دون اقتلاع الجذور بعد النظر في المسببات والدوافع.
في دبي تقوم منذ ايام حملة لمواجهة القنوات الفضائية الهابطة التي يريد من مواجهتها القائمون على الحملة صد موجة الرذيلة، وتقليل فرص بثها فضائياً، وبالتالي انتشارها ارضياً…
لا أشك في حسن نية القائمين على الحملة وفي مقدمهم قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم، المعروف بفضله، والذي أطلق الحملة أساساً، وأشار إلى قنوات الأغاني تحديداً، وإلى أنها تحقق نحو مليوني درهم شهرياً من رسائل الجوال فقط!
ولا أدري هل تحقق كل القنوات الفضائية الغنائية بمجموعها هذا الدخل شهرياً، أم أن كل واحدة من هذه القنوات تحقق دخلاً مقارباً لهذا الرقم ؟، لكن المصيبة واحدة على كل حال، وبالذات لدى مطلقي هذه الحملة الخيّرة…
صحيح أن في هذه القنوات ما يندى له الجبين، وهو ما دعا الشيخ سلمان العودة في برنامجه الرمضاني (حجر الزاوية) الذي تبثه يومياً mbc الى تشبيه تكاثر القنوات الغنائية العربية ب «توالد الذباب»، لكننا أيضاً نتعاطى مع هذه المشكلة بشكل سطحي فنحاول العمل مع النتيجة ولا نعمل على أصل المشكلة.
فيا معاشر المعترضين على هذه القنوات وغيرها، هلاّ سألتم أنفسكم: كيف تعيش هذه القنوات؟ ومن أين لها ما يقيم أودها، ويستقيم به صلبها؟
اذا كنتم تقولون إن هذه القنوات تقتات على رسائل الجوال (SMS) فهل تأتي هذه الرسائل من كوكب مجاور لا يعيش فيها إلا أهل الفسق والفجور والرذيلة وترويج الهابط من الأشياء؟ أم أن هذه الرسائل تبعث من بيوتنا، ومن هواتف ابنائنا وبناتنا، واخواننا واخواتنا، و…؟!
اذا كان الأمر كذلك، وواقع كهذا يزعجكم، فلماذا لا تربون أبناءكم تربية تجعلهم يرفضون خيارات كهذه عندما تتاح لهم؟
لماذا تجعلونهم لا يعفون عن تغذية الفضاء الهابط، إلا عندما لا تتاح لهم فرصة تغذيته والاستمتاع به؟!