تركي الدخيل
يتحدث الراحل غازي القصيبي في الوثائقي الذي بثته قناة «MBC» عن الملك عبدالله بأنه كان لا ينصت إلى الأقاويل التي تتحدث عن السعودية، بل يتجاهلها، ذلك أنه يؤمن أن رسم طريق العزة للناس والشعب ليس مفروشا بالورود، بل من الطبيعي أن تعترضه بعض العداوات والمؤامرات، ويشهد التاريخ أن الدولة السعودية من بين أكثر دول المنطقة والعالم التي تعرضت لمؤامرات كبرى ومخططات من الأعداء الصريحين، وأنصاف الأعداء المتلونين، بيد أنها مشت بسفينتها متجاوزة كل الأخطار. حين خطط نظام القذافي ومن معه لاغتيال الملك عبدالله كانت هذه واحدة من مئات المؤامرات والمخططات، لكن الملك كان نبيلا، تعالى على كل ذلك، وبآخر المطاف رحل الملك والنشيج يملأ البيوت فجرا، ولقي أعداؤه الحتف تحت أقدام الثائرين عليهم، فامتاز الملك الصالح، عن المتآمرين الطغاة المخربين. لم يشهد العالم ردة فعل على رحيل زعيم كما هو حال رحيل أبي متعب، أحبار سالت، ألسنة هتفت، دموع انهمرت، أعلام نكست، ذلك أنه ملك القلوب قبل أن يكون ملكا لمنصب أو مكان أو كرسي، لهذا كان المصاب جليلا وكبيرا، لا يبكيه السعودي فقط، بل الكويتي الذي شهد دور الملك مع إخوانه فهد ونايف وسلمان من أجل إعادة الكويت إلى أهلها، وشارك الحرس الوطني الجهاز الذي رباه الملك بين يديه وأسسه ليكون منارة للعمل المؤسسي الحديث، يبكيه أيضا البحريني، ومشهور قول الملك الراحل عن البحرين: «إنها ابنتي الصغرى» إبان أزمتها التي مرت بها في عام 2011. لقد كان مقداما شجاعا، عاش كل حياته سائرا بين كومة من الأشواك والألغام، لكنه رحل بسلام وحب، وعلى حد قول المتنبي:
نعد المشرفية والعوالي
وتقتلنا المنون بلا قتال.