هل انتهى زمن “الأندلس”! هل فعلا لم يعد وصل ذلك التاريخ إلا “حُلُماً”؟.
الباحثة والكاتبة الإسبانية أديبة روميرو تصر على أنها مسلمة أندلسية وتقول: إنها “متصالحة مع كونها مواطنة إسبانية ومسلمة أندلسية تنحدر من جذور موريسكية. هذه الباحثة النادرة تجاوزت مرحلة من حياتها كانت تشعر فيها بالغضب بتأثير من ثقافتها الإسلامية وأحزان الأجداد وأشباحهم التي تخيم على مزرعتهم التي يقيمون فيها شمال غرناطة والتي تعود إلى ما قبل محاكم التفتيش. لتصل إلى مرحلة البحث والتعايش مع الواقع، وترحل من مدينةٍ إلى أخرى قارئة وباحثة.
تقول أديبة روميرو إن عودتها إلى إسبانيا قادمة من السعودية وهي في الخامسة عشرة لإكمال تعليمها؛ منحتها أفقاً واسعاً لمعرفة نظرة كلتا الحضارتين الإسلامية والغربية إلى الأخرى. ولدت روميرو هذه الكاتبة الجادة في إسبانيا عام 1980 وسافرت وهي في الخامسة من عمرها إلى السعودية برفقة عائلتها بعد اعتناقهم للإسلام بسنة واحدة، وعاشت عشر سنوات من عمرها في مكة المكرمة، وترعرعت مسلمة في أحضان التصوف المكي.
درست أديبة في مدارس البنات بمكة ولبست العباءة والنقاب في مراهقتها، وهي تشعر بالارتياح لتدريس طالباتها في الفصول الصيفية بكلية دار الحكمة بمدينة جدة غرب السعودية، لأنها ترى في نفسها أحياناً سعودية أكثر منها إسبانية. ترى أديبة أن: “الفترة المبكرة من تاريخ المسلمين في الأندلس لا تزال مجهولة، وإن الباحثين حتى اليوم ينقبون عن وثائق تعود إلى المئة عام الأولى التي شهدت بواكير الفتح الإسلامي لشبه الجزيرة الآيبيرية”.
من أفكارها الجميلة ردها على حديث يدور حول وجود مخطوطات إسلامية انتقلت مع المسلمين المهاجرين إلى أمريكا الجنوبية، تقول روميرو إن وثائق كشف عنها مؤخرا تؤكد أن بعضا من أوائل المبشرين المسيحيين الذين شاركوا في الحملات الأولى لاكتشاف أمريكا الجنوبية كانوا مسلمين في الباطن، وأن الكنيسة كانت قلقة من انتشار الإسلام بين الهنود، وهو ما أكدته الكشوفات الأخيرة عن قرى بكاملها تعود إلى تلك الفترة كانت مقابرها موجهة إلى القبلة.
قال أبو عبدالله غفر الله له: أديبة هذه الباحثة الجادة تعيد بدراساتها ولقاءاتها وأعمالها الوهج إلى زمنٍ كاد ينسى، إنه زمن الأندلس الذي أنشدناه كثيراً، وهو زمن أثر على الفنون الأوروبية والعلوم والموسيقى والتراث والهندسة. إنها باحثة تعيد عبق ذلك التاريخ. فشكراً لها على هذا الجهد والكد في سبيل المعرفة والبحث.