المواهب مثل الناس، مثل البشر، تحتاج إلى ظروف ومحفزات لكي تكبر معهم. لتتحول إلى واقع ملموس. إلى أثرٍ مشاهد. مارادونا يقول إنه يحب كرة القدم ويكره الكاميرا، ويعتبر قدومه إلى المباريات مجرد متعة وإمتاع. ممارسة الهواية، أياً كان شكلها أو صنفها، فيها لذة عظمى. لهذا فإذا اجتمعت الخبرة مع الهواية أنتجت هواية حسنة التربية والتعاهد. فلا إبداع من دون هواية، ولا يمكن لهواية أن تنضج من دون صقلها بالخبرات والمهارات والأصول التي تقوم عليها تلك الهواية.
حسناً فعل مجلس الوزراء حينما قرر السماح للأندية بإنشاء أكاديميات رياضية على الأراضي المخصصة لها وفق عدد من الضوابط والشروط. وكان من أبرز تلك الشروط ألا تمنح تلك الأكاديميات درجات علمية، وأن تحدد الرئاسة العامة لرعاية الشباب أهدافها. وجاء في قرار السماح أن إنشاء هذه الأكاديميات يجب أن يتم من خلال القطاع الخاص بموجب عقود تبرم لهذا الغرض.
بهذه الطريقة يمكن أن ترعى المواهب الجديدة. أن ترعاها منذ الصغر. ليس لغرض تدجين تلك الموهبة لصالح الفريق، بل لأن تكون موهبة حرة. تستطيع أن تمارس الرياضة سواء كانت في كرة القدم أو الطائرة أو السلة، بحيث تستطيع تلك المواهب أن تنافس في المحافل الدولية. كتبت من قبل عن الرياضة وأنها تحتاج إلى ظروف مدنية شاملة لتتكون وتصبح صورة مشاهدة وإنجازاً محسوساً، هذا على مستوى ثقافة المجتمع تجاه الرياضة ككل. لكن الأكاديميات أظنّ أن من أول واجباتها رعاية الموهبة من خلال الأفراد، وسقيها كما تسقى البذور الصغيرة. وتلك البذرة لا تنبت بين عشية وضحاها، بل تحتاج إلى سنوات طويلة لتزهر براعمها. وهذا هو حال الكثير من الهوايات، وبالذات الهوايات العضلية المرتبطة بالجسد، علماً أن رياضة مثل كرة القدم هي رياضة فكرية وعضلية في آنٍ واحد.
آن الأوان أن تنقذ الأكاديميات ما أفسدته الأندية، أن تنظّف المنتخب الوطني من الأخلاق والسلوكيات السيئة التي تربى عليها البعض. آمل أن تدرج ضمن المواد مناهج في أساليب الحديث والنظافة واللباس والأكل والنوم. عن الصحة بكل تفاصيلها. عن طريقة الحديث مع الإعلام. وإذا أردت أن تفهم ما الأخلاق السيئة التي يتصف بها وعلى نحو متكرر بعض اللاعبين في المنتخب فقط افتح “اليوتيوب” لتعرف أن الذيب أصبح في “القليب”!