هل نحن محسودون فعلاً؟! كل شخص يظنّ أنه مستهدف بالعين والحسد، وأن السحرة لا همّ لهم إلا هو، وأن وظيفته الصغيرة وسيارته بالتقسيط محط أنظار البشرية، فكلما مسّه ضرر ضرب كفاً بكفٍ معتقداً أن عيون البشر الحاسدة قد أحاطته من كل جانب. مع أنه مواطن عادي مثله مثل غيره، ليس لديه ما يثير الحسد، بينما التجّار بطائراتهم الخاصة، وبتلفزيوناتهم وصولاتهم وجولاتهم لا يعيرون لحالات تضخّم العين بالاً مع أنهم أولى بالحسد من غيرهم، لكننا رأيناهم “ما فيهم إلا العافية”!
ارتبط التضخم في اعتقادات ووسوسات العين بالمواطن البسيط الفرح بما لديه من أشياء بسيطة، ويظنّ أنه عليها محسود. وإذا تجاوزنا الماديات وأتينا للشكل، لرأينا أن وجوه أغلبية المواطنين عادية، خشوم ضخمة، وشفتان دمرهما “التنباك” وعقال عفا عليه الزمن، ويسير وهو يتمتم بأوراد الأولين والآخرين خوفاً من عينٍ لاهبةٍ تمسّه، مع أن نجوم هوليود من براد بيت إلى توم كروز يسيرون على البساط الأحمر كل عامٍ مرةً أو مرتين، وشاهدناهم على التلفاز “ما فيهم إلا العافية”!
معاشر الإخوة والأخوات أتمنى ألا تغرقوا في أوهام العين، ولا تظنوا أن كل كحة أو ضربة أو انفجار إطارٍ من إطارات السيارة أنها عين “ما صلّت على النبي” بل الأرجح أنه وهم فظيع ووسواس كبير.
يقول الشيخ محمد بن عثيمين حول أوهام العين والسحر: “من الواضح جداً في عهدنا القريب أن الناس كثر فيهم الأوهام والوساوس فإذا أصيبوا بشيءٍ عادي قالوا هذا جن أو هذه عين أو هذا سحر ونحن لا ننكر أن الجن قد يسلط على الإنسي ويتلبس به ولا ننكر أن الإنسان قد يصاب بالعين ولا ننكر أن الإنسان يسحر ولكننا نريد ألا يكون هذا وهماً بين الناس”.
قال أبو عبدالله غفر الله له: فلا تظنّوا أننا نستحق الحسد، لدينا الغبار والجوّ الحار، ولدينا الزحمة، والوجوه السمراء التي أنضجتها الشمس، إن كان من شيء يجب أن نورد عليه لئلا نحسد عليه فهو “النفط” أولاً ثم “الثقة بالنفس” ثانياً، يظنّ كل مواطن أنه مميز وأنه مستهدف من عيون الحاسدين الحارقة!