مشكلة البعض في فهمه لما يعارضه أو يطالب به! الحرية أو الديموقراطية أو الليبرالية، هذه مصطلحات لها تاريخ عريق في أوروبا وغيرها، وهي ليست شرا محضا ولا خيرا محضا، كما أنه لا يوجد في أي من تلك المصطلحات ما يدعو إلى التفسخ أو العري أو الفسق أو المجون، لأن تلك المصطلحات تتنوع وتتعدد، الحريات في النظام الشيوعي تكون بشكل مختلف عن الحريات في النظام الرأسمالي. ثمة ليبرالية اقتصادية، وهناك ليبرالية سياسية وأخرى فكرية، فالتواريخ التي نشأت فيها المصطلحات الآنف ذكرها وغيرها لا يجب أن تدفع البعض إلى الاختزال والاجتزاء والتسطيح!
ليست القصة أن تكون مع الحرية أو ضدها، مع الليبرالية أو ضدها، مع الديموقراطية أو ضدها، بل أن تقرأ طويلاً عنها قبل أن تتفق أو تختلف معها.
يتكئ البعض على أريكته مستسهلا مسّ الناس بألقاب هم أبرياء منها، في ظل حمولة ثقافية سلبية لهذه الكلمة أو تلك! مثل أن يتهم فلان بأنه يدعو إلى التفسخ، أو إلى الفجور، أو إلى نزع خمار المرأة… إلخ من التهم العنيفة التي يضربون بها كل مخالف لهم، وأستدل بالتهم التي وجهت للأستاذة: سلوى العضيدان، والتي كانت تناضل من أجل أن تكسب قضية وتصرفت بشكل حكيم، حيث توجهت إلى المؤسسات القضائية وأخذت ما طالبت به، وهذا شيء إيجابي أيها السادة أن يطالب أحد بحقه، ولا ينقص من قيمتها كما لا ينقص من قيمة الشيخ عائض القرني، الذي خطأته اللجنة بحكمها، في أسلوب مدني لا يستدعي أن نهاجم العضيدان فقط لأنها طالبت بحقها!
من أجمل القصص الحقوقية التي سمعناها هذه القصة، مع أن الحدة تصاعدت بين الطرفين في الفترة الأخيرة، غير أنها وضحت للجميع أن الحقوق حين يطالب بها الإنسان يحصل عليها، وبالمناسبة العضيدان كاتبة إسلامية، والبعض يتهمها بشكل سافر بكل التهم المقذعة واليائسة، وهي امرأة مسلمة مواطنة طالبت من خلال مؤسسة قضائية بما اعتبرته حقا لها، فحُكم لها، فلا داعي لأن نصف فلانا بأنه ليبرالي وعلماني من دون أن نكون علميين في وصفنا.
قال أبو عبدالله غفر الله له: هناك كتاب يصفون أنفسهم بأنهم من دعاة العلمانية، وهذا لا يعني أنهم يدعون إلى الفجور والفسق والضلال، بل هم مواطنون وأساتذة جامعات وعلى مستوى كبير من الخلق، فالشيطنة للآخر لمجرد أنه اقتنع بفكرة هذه مشكلة، ولهذا يطالب البعض من المفكرين بأن تستبدل كلمة “علماني” بـ”تنموي”، لكن مع ذلك لن تنتهي القصة وسيستمر التصنيف، وإن فيه الكثير من الاختزال والتسطيح!