يتداول الناس في مجالسهم عادة الكثير من الأخبار والطرائف، من بين تلك الأخبار ما يروونه عن الأئمة. إذا قدر لك الجلوس في اجتماع عائلي فستستمع إلى الكثير من القصص الطريفة عن الأئمة.
أنا هنا لن أتناول الأئمة بشكل ساخر، بل سأنتقد الأئمة جرياً على قاعدة النبي عليه السلام حينما قال لمعاذ-كما في الصحيحين-: “أفتّانٌ أنتَ يا معاذ؟!”. فمع جلالة قدر الصحابي معاذ، إلا أنه لم يكن فوق النقد. ونقد النبي لم يكن لمعاذ وحده، بل هو موجه لأئمة المسلمين جميعاً، أن لا يفتنون الناس في دينهم. وأن يكونوا على مستوى المسؤولية المعنوية التي كلّفهم بها الإسلام بصفتهم أئمة المسلمين في ثاني أركان إسلامهم.
قرأتُ قبل أيام بادرة جميلة في الأردن، وهي بادرة بدأت بالنقد الذاتي. وزير الأوقاف الأردني كان شجاعاً حينما خرج وقال: “إن مساجد الأردن بحاجة الى أئمة مؤهلين من حملة الشهادات الشرعية، مؤكدا أن أئمة أكثر من نصف مساجد المملكة حالياً “غير مؤهلين” للقيام بدور الإمامة والوعظ. أقول بصدق وبصراحة بأن هناك حاجة ماسة لرفد المساجد بالمؤهلين، وقد لاحظنا ان هناك عدداً كبيرا من مساجدنا أئمتها ليسوا مؤهلين. هناك أكثر من ثلاثة آلاف مسجد ليس فيها مؤهلون من أصل 5080 مسجدا، فالنسبة عالية. حدث في السابق أنه جرى تعيين واسع للمؤذنين والخدم، وكثير من المؤذنين والخدم ليسوا مؤهلين، فبعضهم ثقافتهم على مستوى رابع أو خامس ابتدائي، والغريب أن هؤلاء تصدوا للإمامة، لأن النظام لدينا يقول: إنه إذا لم يكن هناك إمام في المسجد فالمؤذن والخادم هو الذي يقوم بأعمال الإمام مشيرا إلى أن هذا أدى إلى وجود ضعف في بعض الائمة، ونحن سنعالجه وفق خطة معلنة بحيث يكون الإمام واعظا”.
قلتُ: ولا أظنّ أن هناك كبير فرق بيننا وبين أشقائنا في الأردن، الكثير من الأئمة يفتنون الناس بالخطب الحامية الطويلة، وبالتشويش على الناس بقضايا لا تهمهم. يخطبون عن مواضيع مخجلة تدنس قدسية المسجد حتى، ويخربون اللحمة الوطنية، ويفرقون بين الناس. أين الخطب والمواعظ المتعلقة بالأخلاق، والحب والتسامح؟!
أما الأئمة فكثير منهم يتعامل مع من خلفه حسب مزاجه، تارة ينقر الصلاة نقر الغراب. وآخر يمطّ الصلاة طويلاً، فيقرأ السجدة والإنسان فجر الجمعة بينما الناس في نعاس شديد يودون لو أن الإمام أخذ بالواجب. بعض الأئمة يطبّق السنن وفق مزاجه هو وليس وفق مزاج المأمومين. أذكر أن إماماً من السابقين الفضلاء كان إذا أراد تطبيق سنة قراءة السجدة والإنسان يعلن عن هذا بعد صلاة العصر من يوم الخميس. لئلا يثقل على إنسان متعب بسنة ليست واجبة. هذه هي الحكمة التي نفتقر إليها.