درجت العادة أن تكون الإعفاءات التي تصدر بحق المسؤولين- سواء بناءً على طلبهم، أو من دون أن يطلبوا حتى – أن يكون الإعلان عنها في وكالة الأنباء السعودية. من الوزراء إلى وكلاء الوزارات إلى رؤساء المؤسسات والهيئات، كلها تعلن في الهواء الإعلامي الطلق. وكالة الأنباء السعودية نقلت خبر إعفاء الشيخ صالح بن حميد من منصبه الحساس وهو “المجلس الأعلى للقضاء”، بناء على طلبه. فإعلان إعفاء المسؤول من منصبه ليس عيباً، ولم نتعود على إخفاء إعفاء أي مسؤول. الغريب أننا كدنا ندخل إلى قصة “الإعفاءات السرية”، وأذكر بخبر نشرتْه صحيفة “الحياة” قبل أمس حول إعفاءٍ سريّ.
جاء في الخبر أن “المدير العام للشؤون الصحية في المنطقة الشرقية الدكتور طارق السالم، أصدر قراراً يقضي بإعفاء مدير مستشفى رأس تنورة من منصبه، وتعيين أحمد الزهراني بدلاً منه، الذي باشر مهمات عمله مطلع الأسبوع الماضي، فيما لم تقم (صحة الشرقية) بالإعلان عن الخبر، لوسائل الإعلام المحلية، كما هو مُعتاد، إذ تم بعدها بيومين الإعلان عن تعيين الدكتور صالح السلوك مديراً جديداً لمستشفى الولادة والأطفال في الدمام، ما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول عدم الإعلان”!
الإعفاء من المنصب عبارة عن قرار إداري، ولا حياء في القرارات. أي قرار يتخذ في العالم إما أن يكون جيداً فيعلن، أو أن يكون سيئاً فيعدل عن اتخاذه أصلاً. ومن الواضح أن قرار الإعفاء من القرارات الجيدة، فلا يجب أن نستحي منه. لا أفهم لماذا تخجل المديرية في المنطقة الشرقية من إعلان الإعفاء، إذ لا يوجد أي تبرير لإخفاء الخبر. ربما يحاول بعض المسؤولين ألا “يجرح” مشاعر هذا المسؤول أو ذاك حين يتم الإعفاء، وهذا للأسف يعارض أساساً الآلية التي مشت عليها الدولة، الأوامر الملكية والإعفاءات والتعيينات جزء من حركة الحكومة، وهي حركة حيوية ثرية تعدل من سير هذا العمل، وتنقل المسؤول من مكانٍ إلى آخر بما تقتضيه المصلحة.
قال أبو عبدالله، غفر الله له: أتمنى من المديرية إيضاح الأسباب التي دعتها لـ”سرية الإعفاء”، ولولا أن “مصادر مطلعة” وصلت إليها صحيفة “الحياة” لما علمنا عن إعفاء هذا المسؤول. الحياء والمجاملات يمكن أن تجري في البيوت أو المقاهي، لكن في الإدارة هناك وضوح في القرار، وهذا ما افتقرت إليه مديرية الصحة بالشرقية، فهل يستطيع المدير أن يكون شفافاً ويكشف عن أسباب “سرية الإعفاء”؟!