برز اسم الشيخ: أحمد بن باز إعلامياً عبر مقالاته التي كان يكتبها في الشرق الأوسط. كانت تتناول مسائل حساسة، حول المجتمع، والآخر، والمخالف. وهي مقالات طبعها في كتاب تحت عنوان: “أيها الآخر”. وإذا قرأنا المنطق الذي يستخدمه لتعزيز آرائه الشرعية نعثر على شيخ تجديدي لا يمكن أن يخضع للموروثات، أو أن يستسلم للرأي الخاطئ وإن كان قديماً. لهذا فهو يرى أن كل جيل يجدد الجيل الذي قبله.
عاش علماً وتربيةً في كنف رمز من رموز العالم الإسلامي وهو الشيخ: عبد العزيز بن باز.
وتتلمذ على يديه، واستطاع أن يستلهم في صياغة آرائه الشرعية روح والده، حتى وإن خالفه في الرأي أو النتيجة، غير أن روح العلم لا تغيب عن فتاوى الشيخ أحمد بن باز.
تمكّن خلال السنوات الأخيرة من طمأنة الناس والتسهيل عليهم بعد طول الشطط الذي أرهق المجتمع بسبب حيرته بين فتوى تحرم وأخرى تبيح، غير أن القبول الذي حظي به الشيخ أحمد حضور مستحق لا يمكننا إغفاله أو تجاهله، وبات لحضوره الإعلامي ولزاويته في جريدة الوطن الكثير من القراء والمتابعين.
ولئن غرق البعض بتقديس الآراء والفتاوى السابقة وأنزلوها منزلة الوحي؛ غير أن التأصيل الفقهي الذي يطرحه الشيخ أحمد يتجاوز “الهالة التاريخية” التي تصبغ الفتوى عادةً، حيث تكتسب الكثير من الفتاوى قيمتها بسبب قدمها، وليس بسبب صحتها أو سلامة تأصيلها، لهذا رأى أن فتاوى قيادة المرأة للسيارة “لها ظروف تاريخية”، ويمكن أن تصحّ الظروف التاريخية على الكثير من الفتاوى التي يحاول الناس الإفلات من حصارها.
ينتقد الشيخ أحمد حال الفتوى اليوم فيقول: “لو تأملت حال سلف الأمة ما كانوا يفعلون ذلك وما كانوا يسألون هذه الأسئلة و ما كان الناس يتجرؤون على الفتيا كحالنا اليوم، لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم (ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم) وقال أيضا (إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشاء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها) و هذا من جوامع الكًلِم)”.
قال أبو عبد الله غفر الله له: أظن أن نموذج أحمد بن باز يمكن أن يكون مجدداً للكثير من المفاهيم السلفية، ذلك أن السلفية تم اختطافها، بينما يمكن تجديدها، وأرى أن الشيخ أحمد بطرحه المتوازن والهادئ بدأ هذا المشروع الذي أتمنى أن نرى تمامه.