خلال السنوات الماضية قابلتُ مئات الأشخاص، من كل صنفٍ ونوعٍ، ومن كل تيارٍ واتجاه. أتاح لي المجال الإعلامي التقاء النخب الفنية والثقافية والعلمية والسياسية. أتساءل دائماً هل من سر يمكن أن يُحوِّل حياة كل هؤلاء الناس إلى أيامٍ عامرة بالآمال المتحققة؟!
لم أصل إلى جواب نهائي، وأنّى لي ذلك؟ لكني وجدت ضالتي في الرؤية الإيجابية للحياة والناس، والإيجابيون أكثر الناس فرحاً في الحياة وإحساساً بها.
قرأتُ بالأمس خبراً عن دراسة ألمانية تحدثت عن علاقة الأفكار السلبية بالألم، قال أرنيه ماي، رئيس مجموعة الباحثين الذين أجروا دراسة في هامبورج وماينز: “إن الشعور بالألم لا ينبع بالضرورة من مشكلة جسدية فحسب، بل إن الأفكار السلبية قد تؤدي إلى الألم أيضاً، من المعروف أن التفاؤل والمشاعر الإيجابية تساعد في دفع عملية الشفاء على سبيل المثال والعكس صحيح، فالأفكار السلبية تؤثر على الشعور بالألم. من يتخيل الألم، يشعر به إن عاجلا أم آجلاً، هذا التأثير يأتي على العكس مما يعرف بـتأثير بلاسيبو أو العلاج بالوهم والذي يعتمد على زرع أفكار إيجابية في ذهن المريض تساعد في تحسين حالته كإعطائه أدوية غير فعالة وإقناعه بأنها تساعد في شفائه من مرضه. وأجرى الباحثون دراسة شملت تعريض مجموعة من الأشخاص لألم خفيف باستخدام الحرارة بشكل يومي. وكان هذا الألم يقل بشكل طبيعي نتيجة التعود عليه”!
قلتُ: غالبية الناس يظنون أن السعادة في اقتناء الأشياء أو في القدرة على أن يكونوا في حالة مادية أفضل، والأقرب لدي أن السعادة لا تأتي بالماديات، المال ربما يصنع لحظات سعيدة، لكنه لا يصنع حياة سعيدة كاملة، السعادة تتكون داخل الإنسان وتنبت كالأزهار في أعماقه، وكلما تعاهدها بالرعاية والأمل وصل إلى مبتغاه من الاطمئنان والرضا. الجانب الثاني للسعادة أن يعرف الإنسان ماذا يريد من الحياة.
أحياناً يخيّل إلي أن حال الناس يمكن تلخيصها بقول الشاعر:
كل من في الدهر يشكو دهره ** ليت شعري هذه الدنيا لمن؟!
قال أبو عبدالله غفر الله له: البعض يريد أن يكون تاجراً ودكتوراً ومؤلفاً ورئيس تحرير ومذيعا ومدير مصنع أسمنت دفعةً واحدة، وهذا طموح يشتت بقية الطموحات ويقتل بقية الأهداف. فطوبى للذين عالجوا آلامهم بالركض سعياً وراء أهدافهم المعقولة والواقعية وصناعة أيامهم ولحظاتهم الجميلة.