أحد الأسئلة التي يطرحها بعض الزملاء العرب: ما السر في سفر السعوديين الكثيف إلى الخارج؟!
هذا سؤال حيوي وضروري، بدايةً أركز باستمرار على أن السعوديين ليسوا سواءً، البعض من العرب والأجانب يقيّمون سلوكيات السعوديين من خلال ممارسات أقلّ السعوديين انضباطاً وأكثرهم شغباً، وهذا متفهم، ذلك أن الشخص المنضبط لا يلفت الأنظار دائماً، بل الذي يحدث ضجة هو من يحدث دوياً كبيراً في خصوماته ونزعاته الحمقاء وتفلته، وربما لممارسته الغرور واحتقاره الآخرين!
السعودية فيها مجتمعات متعددة ومختلفة أحياناً، صحيح أن ثقافةً واحدةً تجمعنا، لكن لكل منطقةٍ طبائعها التي تختصّ بها، وهذا مصدر ثراء للمجتمع كله، ولا فضل لمنطقةٍ على أخرى أبداً، هناك أكلات تختص بها كل منطقة وعادات، ومذاهب فقهية وطوائف، وهذا مصدر ثراء وغنى لكل فرد، فالتنوع قيمة والتشاكل مأزق، هذه قناعتي.
تجتمع معظم المناطق السعودية على المحافظة بوصفها قيمةً متوارثة ومحترمة عند كل المناطق وكل الأصقاع، وحين يبدأ الشاب حياته في السفر فإنه يقف أمام خيارين اثنين، إما أن يسافر مع نشاطٍ ثقافي في الجامعة أو الثانوية، أو أن يختار دراسة لغةٍ من اللغات، أو أن يسافر مع أقاربه وأصدقائه الرائعين الذين يثرونه في السفر ولا يبددون وقته ذهاباً ومجيئاً، الخيار الثاني أن يخرج من شلته “الداشرة”، وهذا الخيار منتشر وبكثرة، لهذا فإن الصورة تسوء ويتضخم سوؤها من خلال هذه الفئة العابثة التي لا تقيم في كثيرٍ من الأحيان للقانون والانضباط واحترام البلد وزناً.
إن التفسير الأجمل لسبب سفر السعوديين إلى الخارج، هو بحثهم عن “الحرية”. السفر بالنسبة للسعودي مرتبط بالحرية، يريد أن يذهب مع عائلته بأمان، يتقلبون في الحدائق النضرة مع أولاده وبناته وزوجته وينظرون إلى الطبيعة والأسواق، يشربون القهوة مختطلين مجتمعين على طاولةٍ واحدة، من دون ستائر ومن دون متلصصين يتجسسون على حركاته وحركات عائلته، هذه الحرية هي السبب الأول في سفر السعوديين إلى الخارج، بدليل أنهم يسافرون إلى دول الخليج الحارّة بحثاً عن حرية الجلوس والتمتع مع العائلة، كما يسافرون الآن للبحرين وقطر والإمارات وغيرها.
قال أبو عبدالله غفر الله له: نعم يسافر السعوديون كثيراً، ولكنهم ليسوا سواءً، والسبب الأصلي للسفر هو البحث عن مناخ سياحي حر، وهذا هو سر كون مجتمعنا “مسفاراً” لا يلقي رحله من رحلة إلا إلى رحلةٍ أخرى!