المطالبات الشعبية التي تطلب من الحكومة حين تكون مشروعة فإن الحكومات العاقلة تقوم بتلبيتها من دون أي تردد. العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى أوكل إلى ولي عهده الأمير سلمان بن حمد الحوار مع كافة الأطراف والنظر في مطالبهم، لكن النظر في حيثيات المطالب وأسبابها وطرق الاستجابة لها لا يمكن أن يتم في الشارع بل يأتي من خلال الحوار المستمر والدائم، والحوار يحمل في جوفه سبل الحلول دائماً.
أحد المواطنين البحرينيين قال لإحدى القنوات إن الأحداث “لا تمثل المجتمع البحريني الحقيقي” وصدق، كانت البحرين ميداناً للتقارب والتعايش الذي تعلم منه أبناء الخليج جميعاً، المودة بين الشيعة والسنة والتآخي والتقارب، لا أدري لماذا تنحدر أحياناً سبل التواصل لتصل إلى حال من العداء المذهبي والطائفي، التباعد بين الحكومة والمعارضة يحله التحاور لا التنافر الذي يزيد الأمور تأزماً ويكرر عدوى الفتن لا سمح الله التي شهدتها بعض الدول العربية وما نموذج لبنان عنا ببعيد.
جمعية الوفاق الوطنية تطلب من الجيش الانسحاب أولاً قبل الحوار، حيث نقلت وكالة رويترز عن عضو جمعية الوفاق الشيعية إبراهيم مطر أن: “الجمعية التي تمثل كتلة المعارضة الرئيسية في البحرين لا تشعر بأن هناك رغبة جادة للحوار لأن الجيش منتشر في الشوارع، إن السلطات عليها أن تقبل مفهوم الملكية الدستورية وأن تسحب القوات من الشوارع قبل بدء أي حوار، على أن يتم بعد ذلك تشكيل حكومة مؤقتة تضم وجوها جديدة ليس بينها وزيرا الداخلية والدفاع الحاليان”.
المشكلة أن نواب كتلة الوفاق الوطني الشيعية المعارضة وعددهم 18 انسحبوا من البرلمان المؤلف من أربعين نائبا، احتجاجا على استخدام أجهزة الأمن القوة المفرطة لتفريق المظاهرات. لا ندري على نحو أكيد ما الذي يجري في الشارع، ولا نعلم عن حيثيات ومسببات المواجهات وسقوط القتلى والجرحى، لكن ما أنا متأكد منه أن “هاوية الطائفية” لا يمكنها أن تأتي للبحرين بخير، ولا يمكن استئصال جرثومة الطائفية إلا من خلال الحوار.
بالحوار وحده تصلح الدول ما فسد جراء نسيانه مع مرور الزمن وتقادم الدهر، بالحوار تنجح المجتمعات في ردم الهوة بين الطوائف والقبائل والمختلفين حتى في الدين، أرى أن رهان البحرين من الضروري أن يكون منصباً على الحوار. حرس الله الأوطان من كل سوء.