يمكن أن تختلف مع أحمد الشقيري من رأسك إلى أخمص قدميك، لكنك إن حملت ذرة إنصاف، فإن خلافك لن يمنعك من احترام هذا الرجل. من حق الشقيري أن نعترف له بأنه بات اليوم أيقونة من أيقونات الشباب ليس في السعودية فحسب، بل في العالم العربي كله، من خلال برنامجه المميز: (خواطر)، الذي يقدم لنا فيه كل عام جرعة من الإيجابية والنقد الهادف.
بعد أن تكاثرت القنوات الفضائية لدرجة جعلتنا نظن السماء تمطر على مدار الساعة أقنية عربية، حفل التلفاز بكل صنوف البرامج، لكن الذي يجعلنا نجلس باحترام أمام خواطر الشقيري، أن الرجل يُفكّر خارج الصندوق، وأنه رفض الانصياع للتقليدية والرتابة، فأصبح يدهشنا في كل حلقة بما يقدمه من مادة بسيطة بلا سطحية، ومشوقة بلا إسفاف.
أدرك صاحب الخواطر جيداً أن التلفاز جهاز خطير، لجهة أنه يجمع أمام شاشته السحرية الصغار والكبار، والمتعلمين وغير المتعلمين، والمثقفين وذوي الثقافة المتوسطة، فاختار منهجاً يناسب خطابه فيه كل فئات التلفزيون، فكان أن ربح بيعه قبولاً وانتشاراً ومحبة وإقبالاً.
هل هناك من لا يعجبه ما يقدمه أحمد الشقيري؟! الجواب بالتأكيد: نعم! وإذا كان العبد الفقير إلى الله، كاتب هذه السطور، أشار في مقالته بالأمس، إلى أن إحدى مشكلات ثقافتنا، الانغماس في قطبية الثنائيات، وأن ضمن هذه المعضلة، أزمة ذوقية، تتمثل في ظن البعض أنه مجبر على وصف ما لا يعجبه بأنه سيىء، في عصر لم يعد الفرض والإجبار فيه من أبجديات الزمن، فإن عجب أبي عبدالله ـ غفر الله له ـ لا ينقطع، من أناس لا يعجبهم شيء فيسخِّرون أنفسهم لمتابعته، ولا يكلون من التعبير عن رفضهم له، بل ويصلون أحياناً إلى حد كيل الشتائم له، دون أن يعلموا أنهم بذلك، يؤكدون أن ما يحاربونه قد بلغ من التأثير ما جعلهم يفرغون أوقاتهم لمكافحته.
أحسب أن أهم مميزات الشقيري، أنه شمّر عن ساعد الجد، ولم يكتف بالسلبية، بل قدم عملاً مميزاً، من حق الجميع أن يعجب به أو أن يتحفظ عليه، لكنه بات اليوم ظاهرة إيجابية، تقدم عملاً تلفزيونياً مبهراً، وتربط الواقع بالماضي، وتحث على الفضائل بمنهج عصري، ومنطق متحضر، وتقدم لنا الإسلام بلغة حديثة، يفهمها الشباب من الجنسين، لأنها تحثهم ولا تحبطهم، وتشجعهم ولا تكسر أجنحتهم.
شكرا أحمد الشقيري، فما أحوجنا لأمثالك، سدد الله خطاك.